يزور اليوم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي قصر بعبدا بحماسة أقل مما كانت عليه يوم الإثنين الماضي، فاللقاء الأخير «أحبط» الرئيس المكلف وجعله يتراجع عن التفاؤل المفرط الذي بدأ به مهمته،وسيعرض ميقاتي خلال اللقاء بعض الطروحات التي يمكن أن تفتح باباً أمام الحلول، ولكنه بحسب مقربين منه «لم يفقد الامل،فعندما يجد ميقاتي أن درب التشكيل مقطوع سيقدم اعتذاره فوراً، وهو وضع لنفسه مهلة لم يعلن عنها»، وتقول المصادر المقربة منه الى أن الرجل لا يخشى الاعتذار إذا كان ضرورة، وهو لا يخشى أن يخسر بسبب الاعتذار، بل الخسارة تكون عبر استمراره في مهمة لا طائل منها.
بالعودة إلى لقاء اليوم، تتحدث المصادر عن أفكار سينقلها ميقاتي الى عون لأجل التشكيل، وهناك معطيات إيجابية قد يُبنى عليها وقد تؤدي الى مفاجأة حكومية كبيرة، وبحسب التعامل معها سيُبنى على الشيء مقتضاه، مشددة على أن الرئيس المكلف لا يزال يعوّل على رغبة رئيس الجمهورية بالوصول الى خاتمة سعيدة لملف الحكومة، معتبرة أن هذه الرغبة التي لمسها ميقاتي قبل التكليف هي التي شجعته أكثر على المضي في قبول المهمة.
أما بحال ثبُت عدم رغبة الرئيس عون بتشكيل الحكومة فإن ميقاتي سيعتذر، تؤكد المصادر، وهذا الأمر سيُحسب له لا عليه، إذ أن تجربة رئيس الجمهورية الفاشلة مع 3 رؤساء حكومات مكلّفين ستكون مكلفة لرئيس الجمهورية ، وإذا كانت الحجة مع الحريري أنه لا يحترم الصلاحيات، فإن ميقاتي يتعاون معه بكل تفصيل، وستظهر أن حقيقة المعركة هي على الحصص لا الصلاحيات والدور.
ماذا بحال اعتذر ميقاتي؟هو سؤال بات يُطرح في الأوساط المحلية، خاصة بعد أن أصبحت الأمور مفتوحة على كل الإحتمالات، ومن حيث المبدأ، فإن التداعيات الأساسية ستكون على الواقع الاقتصادي والاجتماعي، حيث من المتوقع أن يشهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعاً كبيراً، يظن بعض الخبراء أنه سيصل إلى حدود الـ 35 ألف ليرة،، وهو ما كان قد بدأ من جديد مع عودة الأجواء السلبية إلى المشاورات بين رئيسي الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف.
ولكن، لن يكون الخطر الحقيقي هنا، بل في التداعيات التي سيرتبها الفشل على المستوى الأمني، خصوصاً إذا ما ترافق الاعتذار مع عودة التحركات الشعبية على نطاق واسع، أما على المستوى السياسي، قد يكون رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، في حال اعتذاره، هو الرئيس الأخير الذي يكلف في ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، نظراً الى أنه سيكون من الصعب أن يحصل توافق مع أي شخصية أخرى تحظى برضى الشارع السني، بينما لن يكون من السهل تكليف أي شخصية من خارج دائرة رؤساء الحكومات السابقين، لا سيما في ظل «الفيتو» الموضوع على هذا الخيار من قبل العديد من القوى السياسية.
على المستوى الدولي، ستكون الضغوط والعقوبات هي السلاح الحاضر في التعامل مع القوى السياسية اللبنانية، الأمر الذي كان قد بدأ الاتحاد الأوروبي بالعمل عليه من الناحية العملية، خصوصاً أن الرهان الأساسي هو على استثمار حالة الغضب الموجودة في الشارع في صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، والفشل في تشكيل الحكومة سيعزز هذا الخيار ويقدم له قوة اضافية.
المصدر: الديار – محمد علوش