بين يومي الأحد والثلاثاء، كانت الأجواءُ المتوترة عقب أحداث خلدة تتضاءل شيئاً فشيئاً. فخلال الساعات الماضية، دخلت على الخط أكثر من مبادرة شدّدت على وجوب سحب فتيل الفتنة من الشارع بأي وسيلة كانت، وقد نشطت اتصالات سياسية قادها الحزب “التقدمي الإشتراكي” مع “تيار المستقبل” من جهة، والحزب “الديمقراطي اللبناني” مع “حزب الله” من جهة أخرى، في حين تولت قيادة الجيش الحل الميداني.
وبشكل أو بآخر، فإن “حزب الله” الذي وجد نفسه مستهدفاً من قبل “عرب خلدة”، استطاع احتواء جمهوره وشارعه ومنع أي اندفاعة نحو ردّة فعل غير محسوبة، وهذا ما بدا واضحاً في كلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بالأمس خلال لقاء مع خطباء شهر محرّم إذ قال: “نحنا ما عنا دم بروح على الأرض، ولكن لا نذهب إلى حيث يريد العدو فنزول الحزب إلى الأرض كان سيعني قراراً بحرب داخلية وهناك من يسعى لجلب السلاح لقتالنا”.
وفي الشكل والمضمون، فإنّ كلام نصرالله جاء حصيلة خطوات عديدة جرى اتخاذها بين يومي السبت والإثنين. ووفقاً لمعلومات “لبنان24″، فقد صدرت أوامر بوجوب تهدئة نبرة الخطاب الإعلامي فوراً عقب تشييع الضحايا المحسوبين على الحزب الذين سقطوا خلال الكمين المسلح الذي استهدف موكب تشييع المواطن علي شبلي في خلدة يوم الأحد. وبعد ذلك، كانت المتابعة قد انتقلت للحراك الذي يقوم به الجيش لتطويق الحادثة من جذورها.
وحتى الآن، فإنّ جهود المخابرات مستمرة لتوقيف المتورطين في الكمين المسلح، وقد كشفت معلومات “لبنان24″ أنه تم مؤخراً توقيف مطلوب مهم تبين أنه هو من أطلق النار على المواطن علي حوري وشابين آخرين.
ووسط ذلك، فإن ما بينته الإتصالات هو أن لدى عشائر عرب خلدة نيّة لتطويق الإشكال أيضاً، وتقول أوساطهم أنه إذا خرجت الأمور عن السيطرة، فسيكون من الصعب ضبطها، ولهذا كان القرارُ مركزياً بالتعاطي بحكمة مع الموقف.
وفي السياق، تقول مصادر أمنية لـ”لبنان24” أن هناك تعاوناً كاملاً من قبل عشائر العرب مع مخابرات الجيش لتسليم المطلوبين من دون أي قيدٍ أو شرط، وهذا الأمر الذي ساهم في تبديد الأجواء المتوترة بنسبة كبيرة. ووسط ذلك، فإن المصادر عينها تؤكد أن التحقيقات لن تغيب عن مسببات الاشكال وهناك إصرارٌ لدى الأجهزة الأمنية على وضع حد لتلك الحادثة فوراً.
من جهتها، تقول مصادر “حزب الله لـ”لبنان24” إنها تتابع عن كثب وبحزم عملية التوقيفات المستمرة، وتصف الأجواء حتى الآن بـ”الإيجابية”، خصوصاً بعدما بات عددٌ كبير من المتورطين في عهد المخابرات. وبشكل فعلي، فإن هذا الأمر هو ما أراده “حزب الله” وكان هناك سعيٌ من كافة الأطراف السياسية للتأكيد على هذا مطلب تسليم المطلوبين بشكل فوري ومن دون نقاش، حتى أنه جرى الضغط على عشائر العرب للقبول به من دون أي تردّد.
ماذا لو لم يتم تسليم المطلوبين؟
الساعات الأولى من حادثة إطلاق النار على موكب التشييع، كانت صعبة لدى أوساط “حزب الله”، وكان هناك غضب لكنه تم ضبطه بسرعة. وبحسب معلومات “لبنان24″، فإن نصرالله تدخل بسرعة وأعطى أمراً داخل القيادة بتعميم التهدئة، في حين جرى إصدار قرارٍ بمنع أي تحرك من قبل العناصر الحزبية والمؤيدين من المناطق التابعة له باتجاه خلدة، وذلك منعاً لأي انجرار نحو اشتباك داخلي. وبحسب المصادر، فإن الإجراءات في الضاحية الجنوبية تكثفت ليلة الإشكال، في حين جرى التعميم على جميع المناصرين في المناطق بعدم الخروج منها. ومع هذا، فقد جرى الطلب من الأجهزة الأمنية بتأمين خط الساحل مساء الأحد للإبقاء على حركة سير أهل الجنوب باتجاه بيروت طبيعية. كذلك، قالت مصادر “لبنان24” أن دوريات مخابرات الجيش لم تترك خط الساحل أبداً، وهي مستمرة في مراقبة أي حركة مشبوهة للتعاطي معها بشكل فوري.
وفي حال لم يتم اتخاذ خطوة تسليم المطلوبين، كان البعض يظنّ أن “حزب الله” سيدخل عسكرياً إلى خلدة ويفتح معركة مع عشائر العرب، لكن هذا السيناريو مستبعد بشكل كبير لأسباب عديدة:
1- ليس من مصلحة “حزب الله” أبداً الدخول في معركة داخلية في ظل الأجواء القائمة، ولا يريدُ الاشتباك مع فصيلٍ يعتبر محسوباً على الطائفة السنية.
2- إن أي معركة على طريق بيروت – الجنوب ستساهم في جعل أبناء الطائفة الشيعية تحت الاستهداف المتكرر.
3- في حال قام الحزب بردّة فعل عسكرية، فإنه سيكون قد تورط بمعركة ستشعلُ حرباً وتفتح جبهات متصارعة في مناطق عديدة.
4- الأمر الذي حصل هو أن تمت الاستعانة بالجيش لتنفيذ خطوة مداهمات فقط من دون إطلاق أي رصاصة واحدة.
وفي ظل ذلك، فقد علم “لبنان24” أن أمر إقامة مصالحة، كما دعا النائب السابق وليد جنبلاط، ما زال بعيداً نسبياً في الوقت الحاضر، خصوصاً أن عملية التوقيفات لم تنتهِ بعد، وتقول المصادر: “لا نقاش الآن بهذا الأمر إلى بعد الانتهاء من مروحة التوقيفات، وعندها لكل حادث حديث.