خالفَ الاجتماع الرابع بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الانطباعات الإيجابية التي صدرت عن الاجتماعات التي سبقت، وجاءت مصارحة الرئيس المكلف للبنانيين بأنّ «مهمته غير مفتوحة» لِتُدلّل الى حجم الصعوبات التي تعترض التأليف، وتبعث برسالة واضحة إلى رئيس الجمهورية مفادها انّ الاعتذار لن يتأخّر في حال عدم التأليف سريعاً، فيما أي اعتذار من هذا القبيل يعني الآتي:
ـ أولاً، انّ المعطِّل لتأليف الحكومة هو العهد، لأنه عندما لا يتفق مع اي رئيس مكلف، فهذا يعني انّ المشكلة منه ومعه وليست من الرئيس المكلف ومعه.
ـ ثانياً، انّ رئيس الجمهورية يريد رئيساً للحكومة من ضمن فريقه السياسي وليس رئيساً شريكاً على المستوى الوطني.
ـ ثالثاً، انّ العهد يريد حكومة وفق مواصفاته ومعاييره لا حكومة بمعايير المرحلة ومتطلباتها الوطنية.
ـ رابعاً، انّ العهد لا يبحث عن تسوية حكومية، إنما عن حكومة للعهد في الربع الأخير من ولايته الرئاسية.
ـ خامساً، انّ العهد، ومن دون ان يدري، قدّم هدية للرئيس سعد الحريري في أنه كان على حق لجهة انّ العرقلة يتحمّل المسؤولية عنها العهد وحده.
ـ سادساً، انّ العُقَد التي تحول دون التأليف لا علاقة لها بالمداورة ووزارتي الداخلية والعدل، إنما تتعلّق بما هو أكبر من ذلك، والتي تبدأ من «الثلث المعطل» ولا تنتهي بمحاولة انتزاع ضمانات سياسية حول الخلف الرئاسي.
ولا شك في انّ اعتذار ميقاتي في حال حصل سريعاً لا يشبه اعتذار الحريري، كونه سيُلقي تَبِعات العرقلة بنحوٍ واضح على العهد، ويمكن ان تترتّب عليه الانعكاسات الآتية:
ـ أولاً، من الصعوبة على اي شخصية سنية ان تقبل بالتكليف في حال اعتذار ميقاتي، ما يعني انّ الحكومة المستقيلة غير القادرة على لجم التدهور ستبقى إلى نهاية العهد.
ـ ثانياً، يرجّح ان يرتفع منسوب الاحتقان الشعبي بعد ان يتثبَّت من استحالة التأليف، كما انّ هذا الاحتقان سيصبّ جام غضبه على العهد الذي حال ويحول دون تأليف حكومة.
ـ ثالثاً، سيضع العهد نفسه في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي عموماً والاتحاد الأوروبي خصوصاً، وستكون العقوبات من نصيبه، وسيزيد في عزلة لبنان.
ـ رابعاً، إنّ وتيرة الانهيار ستتسارَع والدولار سيتجاوز كل السقوف، ويصبح متعذراً ضبط الأوضاع.
فحيال هذه الانعكاسات بالذات، لن يكون سهلاً أمام العهد دفع ميقاتي إلى الاعتذار، بل سيحاول الوصول معه إلى تسوية، ويرجّح في هذا السياق ان يختلف شكل الاجتماع الخامس بينهما ومضمونه عن الاجتماع الرابع.
المصدر : الجمهورية