في قراءةٍ لأحداثِ الأيّام الأخيرة بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي والإستشارت النيابية، أصبحت الصورة واضحة حول العِقد التي تقفُ في وجه تأليف الحكومة وهي وزارتي “الداخلية” و”العدل” نظرًا لما تُمثلانه من ثقلٍ على أبواب الإنتخابات النيابية، وهو ما كان أشار إليه “ليبانون ديبايت” منذ اليوم الأول لبدء الإستشارات النيابية.
وتتقاطع معلومات “ليبانون ديبايت”، مع كلام رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل في مقابلته الأخيرة، الذي لم يُخفِ مطالبته بأن تكون “الداخلية” من حصة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون وذلك بعد 15 عامًا من عودته من المنفى ومطالبته المُستمرة بالحصول على تلك الحقيبة.
وأدخل باسيل “مُعطى جديد” من شأنه أن يزيد عملية التأليف تعقيداً يتعلَّق بـ “المداورة” في جميع الحقائب وعدم إستثناء “المالية” موجِّهًا بذلك رسالة إلى حزب الله الذي تَجْنحُ اليوم “سُفنه” نحو بيت الوسط أكثر من “جنوحها” نحو “ميرنا الشالوحي”.
وفي المقابل، طرح الرئيس المُكلف على رئيس الجمهورية ميشال عون بشكلٍ مباشر خلال الإجتماع الأخير أن تكون “الداخلية” من حصة الطائفة “السنية” دون أن يَلقى طرحه تجاوب من قِبل بعبدا التي تَعلم ان “الداخلية” هي خط أحمر لـ “تيار المستقبل” لِما تشكله هذه الوزارة من غطاء للمنظومة الأمنية للتيار ومفتاح من مفاتيح الفوز بالإنتخابات النيابية.
ومع إعادة إنبعاث هذه الإشكاليات بعد أيّامٍ قليلة من التكليف، نكون قد عُدنا إلى المٌربع الأوّل الذي توقّفت عنده مسيرة الرئيس سعد الحريري ودفعته للإعتذار، مع فارق بسيط أنّ الذي يُفاوض هو ميقاتي نيابة عن الحريري ونادي رؤساء الحكومات السابقين الذي أسماهم جنبلاط “نادي الغولف”.
هذه العِقد بدّدت الأجواء التفاؤلية التي روَّجت لتشكيل الحكومة قبل 4 آب، وهذا ما أكّد عليه كلام الرئيس المُكلف نجيب ميقاتي أمس الخميس عبر قناة الـ “mtv”، لِيجزم فيه عدم إمكانية التشكيل قبل هذا التاريخ، وسيكون لهذا التأجيل تداعيات ويترك تكليف ميقاتي في مواجهة عصف انفجار 4 آب والتحركات الشعبية التي ستُرافقه.
وحتى خارجيًا، فإنّ “السلبيات تفوق الإيجابيّات وعلى رأسها “الرفض القاطع للنظام السوري لعودة الرئيس ميقاتي إلى رئاسة الحكومة، و”الفيتو السعودي” عليه الذي تجلّى بموقف “القوّات اللبنانية” في الإستشارات”، وأمّا “الدعم الفرنسي” فلا يعوَّل عليه وهو الذي إختبره اللبنانيون طيلة سنة كاملة وعَجزت فيه باريس بالرغم من التهديد بالثبور وعظائم الأمور من دفع المبادرة الفرنسية إلى المُضي قدماً في إحراج ما بعده إحراج لـ “أمنا الحنون”.