لم يفاجئ الاقتراح الذي تقدمت به كتلة نواب “المستقبل” لتعديل الدستور من اجل رفع الحصانات عن رئيس الجمهورية والوزراء والنواب والموظفين والمحامين، ايا من الكتل النيابية فقد سبق للبعض منها ان أجرى محاولة لمقاربة الموضوع في اكثر من مناسبة قبل تفجير المرفأ ولأسباب مختلفة تحت شعارات مكافحة الفساد ومن اجل المزيد من الشفافية في التعاطي في الشأن العام كما قالت مشاريع القوانين التي تقدمت بها كتلة نواب الكتائب في تموز العام 2020 قبل أسابيع قليلة على تفجير المرفأ.
فعندما كشف الرئيس سعد الحريري عصر الثلاثاء الماضي عن مجموعة اقتراحات القوانين الخاصة بتعليق العمل بالحصانات النيابية والنقابية، كان واضحا انه سيلقى الدعم الفوري من قبل بعض الكتل النيابية ومعارضة أخرى وسط عملية فرز لم تكن صعبة. فالتجارب السابقة شهدت على محطات مماثلة طرحت فيها الفكرة عينها. وهي تجربة لا تقاس بحجم الملاحظات عليها او لأسباب دستورية او قانونية بل ان الظروف هي التي حكمت المواقف منها وحددت المواقف السلبية كما الإيجابية منها.
وتعترف مراجع نيابية ودستورية انها لم تكن المرة الاولى التي اقترحت فيها كتل نيابية بعدما سبقتها كتلة نواب الكتائب في 17 تموز 2020 (التي استثنت رئيس الجمهورية من الآلية المقترحة لرفع الحصانة) وقبلها “كتلتا التحرير والتنمية” و”الوفاء للمقاومة” في اقتراح مشترك وقعه النائبان هاني القبيسي وحسن فضل لله العام 2019 بفوارق بسيطة في الشكل عندما طلبا تعليق المواد الدستورية والقانونية التي تضمن الحصانات، أو الأصول الخاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، والوزراء، والنواب، والقضاة والموظفين، ليصبح الجميع سواسية أمام القضاء، والتي اعيقت بفقدان الأكثرية المطلوبة للبت بها.
وعليه لم تستغرب المراجع ان تلقى الفكرة اولى خطوات الدعم للمشاريع التي أعدتها الكتلة من نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي بعد دقائق على المؤتمر الصحافي للحريري ومن بعده من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي عبرت عنه كتلة التنمية والتحرير في وقت لاحق، قبل ان تحظى بتأييد الكتل الاخرى والنواب الذين وقعوا عريضة الاحالة الى “المجلس الأعلى” في البرلمان، من أجل تجاوز مطالب المحقق العدلي القاضي طارق البيطار برفع الحصانة عن من اراد الاستماع إليهم كمتهمين بدون الإعلان جهارا عن الهدف. والتأكيد – من باب حسن النيات – ان الإقتراحات تهدف الى منع تعدد المحاكم التي تنظر في مثل الجريمة الواقعة في 4 آب بعدما احيل القضاة المطلوب المستمع اليهم امام محكمة التمييز الخاصة بمحاكمة القضاة.