كتب جان نخول في موقع mtv:
في الماضي، وقبل النسبية، كانت بيروت غير معنية بالمواجهات الانتخابية الحامية والصراع على المقاعد، بل كانت المعركة كما هي الحال اليوم في الجنوب: معركة على الوجود وإثبات الذات. وحتى عندما قُسّمت الدوائر بشكل محرج للرئيس الشهيد رفيق الحريري عام ٢٠٠٠، ترشح في الدائرة التي وصفها بالأصعب، وتمكن من الفوز، مع مراعاة الوضع الشيعي والدرزي واختيار ممثلين غير مستفزين للمسيحيين عموماً، عندما كان القانون لا ينصفهم.
أما اليوم، ومع النسبية، فانقلبت الآية في بيروت الثانية، ذات الغالبية المسلمة، وتحوّلت المعركة فيها من معركة وجود إلى معركة صمود، أمام زحف اللوائح التي بلغ عددها تسعة في استحقاق ٢٠١٨، وهو الأعلى في الانتخابات.
لم يكن البيروتيون، كما هي حال جميع اللبنانيين في ذلك الوقت، يفهمون حيثيات القانون وكيفية فرضه على الأرض. أتت النتيجة بخسارة ست لوائح، وفوز مرشحين من ثلاث لوائح وبأرقام صادمة في بعض الأحيان.
لو تم احتساب كل الأصوات من اللوائح الملغاة التي لم تتأهل لعدم حصولها على الحاصل، لشكّل هذا الرقم ما مجموعه قرابة ١٧ ألف صوت، ومع حاصل ١١ ألف صوت، تكون نتيجة الأصوات الملغاة مقعداً مع كسر كبير.
أما المفاجأة الكبرى، فكانت أن مرشح حزب الله تصدر قائمة الأصوات التفضيلية، إذ حلّ أمين شري الأول في بيروت، وسبق سعد الحريري الذي حل ثانيا، بعد اضطراره إلى تجيير بعض الأصوات التفضيلية لمرشحين آخرين من لائحته. المعارضة السنية مع عدنان طرابلسي أتت ثالثة، والتمايز السني مع فؤاد المخزومي تكرّس في المرتبة الرابع، فوجد سعد الحريري نفسه محاصراً بين معارضين يزاحمونه في دائرته.
بشكل أوضح، حصل سعد الحريري على ٧ مقاعد في الدائرة، مقابل ٦ لمنافسيه، ومقعد غير مكتسب للوائح الخاسرة. هذه المعركة في بيروت ستكون على توحيد الجهود بين القوى الكبرى التي لم تتمثل، منها الجماعة الإسلامية، ونجاح واكيم، إضافة إلى الثقل الذي يمكن أن تفرضه المجموعات المدنية المتعاظمة، تحت غطاء “كلنا وطني” و”بيروت مدينتي”.
أما العامل الأكثر غموضا في هذه المعادلة فهو الحضور المستجد لبهاء الحريري. الانتخابات الماضية لا تعطينا أي دليل على حجم وقدرة بهاء الحريري في بيروت. لا شك أن حضوره وخدماته في العاصمة تحظى باهتمام أكبر في الآونة الأخيرة. لكن يمكن أن يكون حضوره أقل من حاصل، ويمكن أن يكون أكبر من حواصل. النتيجة تحسمها الصناديق التي قد تفجر مفاجآت في بيروت الثانية تحديداً.