كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
العقد في التركيبة اللبنانية دخلت في طور جديد، والواضح أن الاستعصاء – لا سيما عند فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني – ازداد تصلباً في غياب أي اعتراض لبناني شعبي منظم على استخفاف الطبقة السياسية بالتحديات المصيرية التي يواجهها البلد.
ويسعى التيار الوطني الحر لكسر توازنات اتفاق الطائف والتحكم بالسلطة التنفيذية وسحب بعض صلاحيات مجلس النواب، وحسم اسم رئيس الجمهورية المقبل، لا سيما مقابل التخلي عن الثلث المعطل في الحكومة مقابل الحصول على حقيبة الداخلية كشرطٍ اساس لتشكيل الحكومة العتيدة وصولاً إلى تفسير الدستور والقوانين حسب هواه.
ويأتي السؤال الأهم، لما تشبث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذه المرة بوزارة الداخلية التي تتولاها الطائفة السنية، وهو العارف الأكبر انها ستكون محط اشتباك سياسي كبير مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وهذا على الرغم من الوقع المأساوي الداخلي المرير، الذي يتطلب ولادة حكومة اليوم قبل الغد؟!
والمعلوم انّ “الداخلية” لها تأثير مباشر على الانتخابات النيابية المقبلة، واليوم على ميقاتي انّ يشكل الحكومة من الافرقاء الذين سموه في الاستشارات النيابية، وانّ يكون هناك اعادة تقييم للموضوع من اجل تأليف الحكومة وبأسرع وقت ممكن. فالقصة ليست حقائب او غيرها، القصة انّ فريق الرئيس عون كل ما يفعله اثارة قضايا تعجيزية.
وفي حديثه ميقاتي أمس الى برنامج صار الوقت، قالها بوضوح، انّ وزيري الداخلية والعدل يجب أنّ يكونا مُستقلين للحفاظ على المصداقية في إدارة الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي حين يتوقع المراقبون، انّ يكون اعتذار ميقاتي عن تشكيل حكومة مسألة وقت، لأنهُ يُدرك جيداً صعوبة تحقيق مطالب عون والنائب جبران باسيل، مما يدفعه للتعاطي ببراغماتية مختلفة، ففي حال فشلت حكومته لا يريد ان يتحمل المسؤولية امام الشارع، وخاصةً السُّنّي.
والمفارقة هنا، انّ التيار الوطني الحر قرر القيام بدور المعارضة في الأشهر المقبلة التي تسبق موعد الانتخابات لذا نقل مطلبه من كَتِف الثلث المعطل الى كَتِف الحقيبة التي تشرف على هذا الاستحقاق، والتي تؤمن لهُ الاريحية إنّ ربحها.
في المقابل يعمل حزب الله بشكل واضح على تسهيل التشكيل، وبدا ذلك من خلال لقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين، الذين أبلغهم أنه سيساهم في تذليل العقبات، خصوصاً أن الحزب فجأة ومن دون سابق انذار، اهتم بوقف حالة الانهيار الحادة لإراحة بيئته الشعبية قبل الاستحقاق النيابي وهذا بطبيعة الحال ينطبق على حركة أمل، التي بدأت العمل على تزييت ماكيناتها الانتخابية.