كتب شادي هيلانه في سكوبات عالمية:
مرّ عام على انفجار مرفأ بيروت الذي غيّر وجه المدينة، دون أن تكشف حقيقة ما حصل في ذلك اليوم أو يحاسب المسؤولون عنه. وتقف الحصانات السياسية اليوم عائقاً أمام استدعاء نواب ووزراء سابقين ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون، وفق تقارير، بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ، ولم يحركوا ساكناً لإخراجها منه.
شهيد أو ضحية أو قتيل، أياً كانت التسمية فقد رحلوا. لهم عائلات وقصص، هم ليسوا أرقاماً. انتظر أهلهم بصيص حياة تحت أنقاض المدينة لأيام، لكنهم عادوا وجمعوا أشلاءهم في تابوت.
ماذا عن التحضيرات ؟
المناسبة تنطلق في الرابعة بعد الظهر بمسيرات حاشدة من ثلاثة اتجاهات. الاولى من ناحية الفوروم دو بيروت ومن ضمنها اهالي شهداء المرفأ – هناك، امام فوج الاطفاء ستكون وقفة رمزية وتحية لارواح من قدموا الروح في سبيل انقاذ الاخر قبل ان تستكمل مسارها الثانية من جهة ساحة الشهداء والثالثة من قلب الجميزة ومار مخايل والرميل وكل حيّ اصابته المصيبة – الجميع يلتقون امام تمثال المغترب مقابل الاهراءات ضمن اطار تنظيمي تتولاه جمعيات مدنية ابرزها فرح العطاء وفوج الكشاف اللبناني.
من هناك وبمواكبة امنية من الجيش اللبناني، يتجه الجميع نحو المرفأ على وقع صلوات اسلامية- مسيحية مشتركة ودعاء يتلوه مطارنة ورجال دين مسلمين ممن يدعمون الاهالي.
لحظة الانفجار تحديداً، في السادسة وسبع دقائق، دقيقة صمت على ارواح من رحلوا ، ثم تلاوة لاسماء الشهداء قبل ان تبدأ الذبيحة الالهية.
وسائل اعلام محلية وعالمية ستغطي الحدث وتتولى بعد القداس عملية نقل مباشر لحلقات حوارية مع اهالي الضحايا والمصابين لنقل الصرخة والصوت.
امام هذا الواقع المأساوي انفجار 4 “آب” اصبح اكبر من الرئاسات والبرلمانات والحكومات والمرجعيات السياسية والروحية واقوى من الطوائف والمذاهب والأحزاب والمقاومة والأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية، واصدق من القطاع الخاص وجمعية المصارف وشركات التأمين وحاكمية مصرف لبنان، ومصيري اكثر من المفاوضات الحدودية والمهرجانات الخطابية الدونكيشوتية والمؤتمرات الصحفية الفوفاشية والأحاديث الإعلامية والطروحات الفيدرالية والمركزية واللامركزية، انفجار 4 آب هو أوضح صورة عن الانكشاف والضعف والتهور والجوع والفقر والمرض والعطالة والهجرة والادعاءات السلطوية.
المصدر: سكوبات عالمية – شادي هيلانة