قبل الرئيس المكلف الجديد نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة بعد تلقيه دعما وضمانات خارجية. فحمل المهمة الصعبة التي ستعالج الاوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية الكارثية التي تسيطر على لبنان منذ حوالي السنتين، وأطلق مشروع حكومته بمواجهة الازمات بالتعاون بين جميع الكتل السياسية واللبنانيين، وانطلاقا من المبادرة الفرنسية والاصلاحات.
مدّ الرئيس المكلف جسر تواصل مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، والتقى به قبل يومٍ من التكليف. وأعاد باسيل تأكيد أحقيّة الثلث المعطل لرئيس الجمهورية خلال مقابلته التلفزيونية يوم أمس، ووضع شرطا أن تقوم الحكومة بالاصلاحات وبالتدقيق الجنائي كي تنال ثقة نوابه. في المقابل، يسأل مراقبون “كيف يمكن أن يحجب باسيل الثقة عن حكومة لدى رئيس الجمهورية حصّة وازنة فيها؟”
العلاقة بين الرئيس المكلف و”العهد” تقوم على الحوار والتفاهم والايجابية، وهذا ما أكدته المحادثات في اليومين الاولين من التكليف. كما أعطى “حزب الله” أصوات كتلته النيابية لصالح الرئيس ميقاتي، الامر الذي لم يفعله مع الحريري. وخرج رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، ودعا الرئيس ميقاتي إلى تعيين وزراء من ذوي الاختصاص في الوزارات المعيشية الحساسّة، وأولها في وزارة المال والاقتصاد والتربية.
كذلك، يجب التوقف عند نقطة هامّة، وهي الدعم الخارجي والفرنسي الذي يتلقّاه الرئيس ميقاتي، وقدرته على التواصل مع البلدان العربية والدولية. وأعلن الرئيس المكلف عن وضع خارطة إصلاحية لحكومته على أساس المبادرة الفرنسية، وتأمين الدواء والمحروقات للمواطنين. وسيزيد الدعم الدولي بالاضافة إلى المساعدات عند ولادة الحكومة، وستنطلق المحادثات مع صندوق النقد الدولي الذي سيطلب تنفيذ الإصلاح في الكهرباء والاتصالات والمصارف وتأهيل البنى التحتية.
كل هذه المؤشرات الايجابية تبشر بولادة الحكومة بسرعة. ولعلّ الرئيس ميقاتي لم يقل إن “الحكومة ستولد بأقرب وقت” من لا شيء. فقدم يوم أمس لائحة بتوزيع الحقائب. وأخذ كل من الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية باقتراحات بعضهما. واليوم يزور ميقاتي قصر بعبدا لليوم الثالث على التوالي من عمر التشكيل، للتفاهم بأسرع وقت ممكن مع عون وحلّ العقد للوصول إلى ولادة الحكومة.
لكن، على الرغم من هذه الايجابية في التعاطي مع الملف الحكومي، قالت مصادر متابعة لملف التشكيل، إن العقدة الحكومية لا تزال على حالها وهي تتمثل بوزارة العدل والداخلية، أي حصول رئيس الجمهورية على الثلث المعطل. وأيضا، تتخوف المصادر من طرح بعبدا لموضوع المداورة بالوزارات السيادية. وهنا ترى أن اصرار الرئيس عون على المداورة قد يفجّر خلافا بينه وبين عين التينة حول وزارة المالية، الامر الذي سيؤزم التشكيل ويؤخر ولادة الحكومة. وفي حال تشكلت، لن يعطي تكتل “لبنان القوي” ثقته لها إن بقيت وزارة المال من حصة الثنائي الشيعي، واستُثنيت من المداورة.
ومن مهمات الحكومة الاساسية الاعداد للانتخابات المقبلة. من هنا، ستكون الايام القادمة “شدّ حبال” لحسم مسألة وزارة الداخلية…
لبنان 24