يبدو ان التوافقات الاقليمية والداخلية حُبكت جيدا من اجل البدء بمسار إنقاذي يؤمن بعضاً من جرعات الدعم للساحة اللبنانية منعاً لوقوع الانهيار الكامل، ويبدو أيضاً ان هذه التوافقات صلبة جداً ولا يمكن لأي طرف سياسي لبناني الوقوف في وجهها، ليس لكونها اقليمية وحسب، بل لأن الاوضاع في البلاد لا تحتمل مزيدا من التعطيل.
لكن هذا كله لا يلغي سؤالا مفصلياً عن امكانية ذهاب التيار “الوطني الحر” باتجاه عملية تعطيل التشكيل، غير ان الاجابة على هذا السؤال يمكن استنتاجها من خلال التصريحات العونية ورئيس التيار تحديدا الذي يحاول الإيحاء بإيجابية جدّية بعيدا عن رغبته بعدم المشاركة في الحكومة. فهل يستفيد النائب جبران باسيل من الاصطفاف في المعارضة؟
وفق مصادر سياسية مطلعة، فإن باسيل لا ينوي الانتقال فعلياً الى المعارضة، لكنه يحاول الاستفادة من حضور رئيس الجمهورية ميشال عون وتمثيله الحكومي لتظهير نفسه بصورة غير المشارك في السلطة من اجل الاستمرار بالخطاب الشعبوي الذي بدأه قبل مدة، والذي على ما يبدو يأخذ مجراه الى حدّ ما في الشارع المسيحي أقله من خلال شدّ العصب العوني من دون ان يكون قادراً على استقطاب فئات اخرى نحوه.
إذا، فإن باسيل يراهن على التصعيد في خطابه المرتبط بالتدقيق الجنائي ورفع الحصانات وغيرها من الشعارات التي تتلاقى مع مطالب الحراك، حتى انه كان يتجه الى تسمية السفير نواف سلام لمراضاة شارع الثورة والتخفيف من حدة اشتباكه معه، لكن ثمة ظروف وحسابات سياسية حالت دون ذلك.
في المحصلة، فإن الهدف الاساسي الذي يتطلع اليه باسيل هو الانتخابات النيابية المقبلة، اذ يرغب في تحسين واقعه الشعبي للحفاظ على كتلته التي يستطيع من خلالها ان يعود الى السلطة ليفاوض “بكيفه” ويفرض شروطه كما اعتاد دوماً. لذلك فإن عملية التسهيل التي يجاهر بها سيعمل على الاستفادة منها في منحيين؛ المنحى الاول هو انه لن يغضب المجتمع الاوروبي والفرنسيين على وجه التحديد الراغبين بالتسوية، والمنحى الثاني هو انه يركز على عدم استفزاز الشارع.
في المقابل، فإن باسيل سيستفيد من ركونه الى المعارضة في تخفيف حدة أزمته مع الشارع المسيحي من جهة، والعمل من جهة ثانية بشكل دؤوب على تنظيم صفوفه وتحضير الماكينات الانتخابية القادرة على خوض الانتخابات.
المصدر : لبنان24 – ايناس كريمة