ينطلق الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، في مهمته الحكومية “الشاقة” متسلّحاً بالأصوات النيابية الداعمة التي فاز بها، وبالعصا غير “السحرية” التي لم ينجح بالحصول عليها رغم الضمانات الخارجية، بعد الرسائل التي حملتها كلمات رؤساء الكتل النيابية، وخصوصاً مواقف كلّ من الرئيس سعد الحريري والنائب محمد رعد، واللذين أظهرا بوضوح أن الإستحقاق الحكومي، ومعه الواقع الداخلي والساحة السياسية كما الشارع، يقفون على مفترق طرق ما بين تأليف سالك وسريع للحكومة الجديدة في مهلة أسبوعين كما يُنقل عن الرئيس ميقاتي، أو البقاء في دائرة المشاورات الهادفة إلى تسهيل ولادة الحكومة من دون أية خطوات عملية وحاسمة، وبالتالي، تكرار تجربة الرئيس الحريري، رغم أن الخلاف الشخصي الذي حال دون التوافق بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس الحريري، لن يشكل عائقاً أمام ميقاتي الذي تلقى إشادة واضحة من رئيس الجمهورية حول قدرته على تدوير الزوايا حتى قبل التكليف.
وتشير أوساط نيابية مواكبة للتطورات الحكومية، أنه من حيث الشكل، فإن الظروف التي تتحكّم بعملية تشكيل الحكومة اليوم لا تشبه ظروف الرئيس الحريري أو السفير مصطفى أديب، والتي حالت دون ولادة أي حكومة منذ ما يقارب العام على استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب. ولكن من حيث المضمون، تنعدم الفروقات، كما تكشف هذه الأوساط، ذلك أن الرهان على حكومة اختصاصيين قادرين على لجم السقوط وإدارة الأزمة والإشراف على الإنتخابات، تشكل تحديات دائمة، وتحمل في طياتها عناصر تعطيل المهمة التي اضطلع بها ميقاتي، وباشر بتنفيذها قبل صدور قرار تكليفه.
وعلى الرغم من الثقة بالنفس الواضحة التي تحدّث بها الرئيس المكلّف في قصر بعبدا، فإن ما لم يقله رؤساء الكتل من على منبر القصر الجمهوري، والذين امتنعوا عن تسمية ميقاتي، حمل رسائل عدة لا تؤذن بأن الطريق معبّدة أمام ولادة الحكومة الجديدة، وبالتالي، فإن المطالب غير المعلَنة من الحكومة التكنو – سياسية التي ينوي الرئيس ميقاتي السير بها وفق ما نصت عليه المبادرة الفرنسية المُعدّلة بعد اعتذار الحريري، سوف تحاصر الرئيس المكلّف، وتضعه في الموقع نفسه الذي كان فيه الحريري على مدى تسعة أشهر، مع كل ما يحيط بهذه التجربة من انهيارات خطيرة على كل المستويات التي أصابت اللبنانيين وهدّدت حياتهم اليومية.
وإذا كان الرئيس ميقاتي قد اتخذ قراراً بتوسيع مروحة اتصالاته ومشاوراته مع كل الأطراف السياسية، فإن الأوساط النيابية نفسها، تؤكد أن حسابات الربح والخسارة هي التي تحكم طريقة تعاطي هؤلاء مع عملية التشكيل وليس أية اعتبارات أخرى مثل الإنقاذ وتجميد الإنهيار وتوفير الحلول للأزمات المعيشية، وهذا الواقع قد يودي بمهمة ميقاتي مجدداً إلى مواجهة المصير نفسه الذي واجهته مهمة الحريري، ولكن ربما في فترة زمنية أقصر.
ألمصدر : “ليبانون ديبايت” – فادي عيد