يجهد “حزب الله” من وراء الكواليس السياسية، للسير بموضوع تأليف الحكومة ضمن خطّين متوازيين لكل منهما طريقة خاصة في معالجة الوضع السياسي القائم حيث يرسم من خلالهما، ملامح المرحلة المُقبلة لجهة التعاطي مع الملف اللبناني بشكل عام، وتحديداً الشقّ المتعلّق في كيفية تشكيل الحكومة المُنتظرة لجهة تركيبتها وتوجّهها. وفي الوقت نفسه، يسعى رئيس “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، لرفع مسؤولية التعطيل عن نفسه من خلال قبوله بمعظم “الشروط”، أو العناوين التي ستطرحها الشخصية السُنّية البديلة هذه المرة، لكن ضمن سياسة “التبادل” وحفظ التوازنات والإحتفاظ بـ”المكاسب”.
السؤال الذي يُطرح اليوم، يتعلّق بنسبة حظوظ نجاح أي مهمة تشكيل حكومية في هذه المرحلة، خصوصاً في ظل “الهيمنة” المفروضة من قبل حلفاء السلطة على عمليات التأليف كلها، والشروط التعجيزية التي يضعونها أمام أي إسم يصل إلى “منصّة” التكليف، حتّى وإن بدت هذه السلطة، وعلى رأسها “حزب الله”، مُستعجلة في الخطّ الأول، لإنهاء التشكيل قبل حلول موعد الذكرى الرابعة لانفجار المرفأ، لأسباب كثيرة يتعلّق أبرزها، بحركة الإعتراضات في الشارع والتي ستتزايد في الأيام المُقبلة، ومنعاً لتكرار ما حصل أمام منزل الوزير محمد فهمي خشية تأثيرها السلبي، على مهمة الرئيس المُكلّف الجديد، أيّاً كانت هويته.
أمّا في الخطّ الثاني الذي يسير عليه “حزب الله”، يرى مُستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق مُصطفى علّوش، أن “الحزب” يستفيد بشكل مُباشر من الإنهيارات “المُنظّمة”، لكنه في الوقت عينه يُريد المُحافظة على المنظومة القائمة، حتّى ولو كانت ركيكة بانتظار الحلول الطويلة الأمد المتعلقة بالإتفاق النووي الأميركي ـ الإيراني، والتي يتوقّع منها “الحزب”، حصول إيران على مكاسب تُتيح لها فرض مزيد من السطوة في المنطقة، لذلك، لا يرى” الحزب” ضرراً من أي حكومة، حالياً، بانتظار الحلول التي يعتبرها لصالحه.
وبحسب علوش، فإنه “لم يعد لدى النائب باسيل سوى خيار واحد هو استمراره في العناد السياسي على أمل حصول تغيّرات ما، من هنا ستكون العبرة في التأليف وليس في التكليف وهذا ما أظنّه سيكون بعيداً عن الواقع، حتّى ولو دفع “حزب الله” باتجاه تأليفها. ماذا لو خرج صاحب مُهمّة التشكيل “السُنّي” عن الشروط أو الثوابت التي وضعها الحريري خلال مدة تكليفه؟ يُجيب علوش: سبق أن فعلها الرئيسان حسان دياب ونجيب ميقاتي، فالسُنّة بشكل عام يُحبّون السلطة ولا يُحبذون الدخول ضمن صفوف مُعارضات لديها مواجهات مفتوحة مع السلطة.”
ويرى علوش أن “تجربة إيجاد شخصيّة سُنيّة ضعيفة التمثيل، قد فشلت وأدّت إلى مزيد المشاكل السياسية، لكن يبدو أنه لا توجد لدى رئيس الجمهورية أي مُشكلة، لإعادة التجربة إذا كانت قابلة للنجاح. لكن في مكان أخر، فإن إمكانية نجاح التأليف، مُرتبطة بشكل كبير بقرار خارجي حتّى ولو كان قرار التأليف موجود في لبنان.”
في طبيعة الحال، ليس المهمّ بالنسبة إلى الطائفة السنيّة اليوم من هي الشخصيّة التي ستوكل اليها مُهمّة تشكيل الحكومة بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري، إنّما المُهم لدى الطائفة، التنازلات التي ستُقدمها هذه الشخصيّة لـ “حزب الله” وباسيل والتي ستكون على حسابها، كما سبق أن فعل بعض رؤساء الحكومة السابقين وأبرزهم الرئيس ميقاتي المُرشّح الأوفر حظّاً حتى الساعة لاستلام “الوديعة” التي تركها الحريري لدى رئيس الجمهورية ميشال عون في يوم الإعتذار، بعدما عجز عن مجاراة فريق السلطة طيلة تسعة أشهر.