كتبت نوال العبدالله في سكوبات عالمية:
بات لبنان اليوم يعيش حالةً من الإرباك و القلق من تداعيات هذه الأزمة، وما ستحمله لنا الأيام القادمة من أزمات جديدة.
فلبنان اليوم يعيش حالةً من الفوضى، ولكن فوضى لم نعهدها سابقاً.
وبتنا نرى إزدحام السيارات أمام محطات الوقود، الّتي تسبب زحمة سير خانقة.
أمّا الصيدليات، فقد أعلنت الإضراب منذ أسبوع، وما تزال حتّى يومنا هذا تغلق أبوابها ومتمسكة بالإضراب.
أمّا الأفران، فأصبحنا نجد طوابير من أجل شراء الخبز، وذلك خوفاً من أن تغلق الأفران أبوابها بسبب نفاذ المازوت.
أمّا سوبرماركات، فعلى حسب ما يقوله نقيبهم بأنّ أغلب المواد الغذائية و السلع قد فُقِدَتْ، ولذلك نشهد تهافة الناس على شراء الحاجيات بشكل غير متوقّع على الرغم من غلاء الأسعار.
أمّا محلات الخضار، فقد شهدنا على إرتفاع أسعارهم بشكل جنوني، وأصبحت الخضار تسعّر كل يوم بتسعيرة مختلفة عن اليوم الّذي قبلها، مع العلم أنّ الخضار لا يُصَنَّعْ وإنّما هو منتوج من الأرض.
و إذا أردنا أن نستمر في العدِّ لن ننتهي من كثرت الأزمات الّتي حلّت على لبنان و كأنّها لعنة حلّت علينا.
ولكن، على الرغم من كل هذه الأزمات و الفوضى الّتي يعيشها لبنان. يبقى علينا أن نسأل أنفسنا: هل هي فوضى قد فُرِضَتْ علينا أم نحن إخترناها أو الأصح أُجْبِرْنا على إختيارها؟
اليوم يستطيعون أصحاب المحطات أن يخففوا من زحمة السير و من الطوابير لو أرادوا ذلك. فبدلاً من أن يحدّدوا وقت إغلاق المحطات حتّى الساعة *12:30* و بعضهم حتّى *2* ، فيستطيعون أن يفتحوا حتّى الساعة *4* أو حتّى الساعة *5*، وبذلك يخف طابور السيارات أمام المحطات، وحتّى زحمة السير تخف.
أمّا أصحاب الصيدليات، السؤال موجه لكم يا أصحاب الضمير هذا إذا كان لديكم ضمير أنتم وأصحاب مستودعات الأدوية: أين هي الأدوية الّتي خبأتموها عندما كان الدواء مدعوم؟ ولماذا عندما قرّرت الدولة إيقاف الدعم عن معظم الأدوية أعلنتم إضرابكم؟ أين هي الأدوية المخبأة؟ وكيف فُقِدَتْ من الصيدليات؟ هل تعلمون يا أصحاب الصيدليات بأنّكم عندما تقرّرون فتح أبوابكم سوف تجدون جيوش من الزبائن أو إذا صح التعبير طوابير من الناس أمام صيدلياتكم، وسوف يتهافتون على شراء الأدوية و بكميات كثيرة خوفاً منهم على فُقْدانِها أو خوفاً منكم إذا عُدْتُم وأعلنتم الإضراب؟
أمّا أصحاب الأفران، هم الوحيدين الّذين ظُلِموا، فبسبب سلطتنا الفاسدة الّتي تحكم البلاد. بدأت أزمة تهريب المازوت، وهو مادة مهمة جداً لتشغيل الأفران.
أمّا أصحاب السوبرماركات، بدأوا يسعّرون السلع بالسعر الّذي يحلوا لهم، ولا يوجد لا حسيب و لا رقيب، وبقيت الفوضى سيّدة الموقف عند الكثير من أصحاب السوبرماركات، الّذين أصبحوا أصحاب ثروات في ظلّ هذه الأزمة. ويبقى السؤال: أين هي رقابة حماية المستهلك؟
أمّا تجار الخضار، أصبحوا يسعّرون الخضار بأسعار مرتفعة. مع العلم منذ ٣ سنوات أو أكثر، بدأ المزارعون و تجار الخضار يرمون الخضار في الشوارع، وذلك بسبب لجوء اللبنانيين إلى شراء المنتوجات المستوردة من الخارج، بالإضافة إلى عدم دعم الدولة لمنتوجاتهم. واليوم، نشهد على مدى جشع ووقاحة تجار الخضار.
لبنان اليوم أمام حالةٍ من الفوضى، ليس سببها فقط إرتفاع سعر صرف الدولار، وليس سببها عدم توفّر المحروقات. إنّما سببها الحقيقي عدم وجود ضمير عند أغلب التجار، وذلك لأنّهم يركضون وراء تجميع المال، ولا يهمهم معاناة الشعب.
وعلى الرغم من هذه الفوضى الّتي نعيشها، لا نستطيع أن نقول بأنّها فُرِضَتْ علينا. بل بالعكس نحن الداعمين لهذه الفوضى، فبسببنا نشأت سوق السوداء الخاصة بالمحروقات، وأكيد الشعب داعمها عندما يقرّر شراء المحروقات من السوق السوداء. فلو تَمَنَّعَ الشعب عن شراء المحروقات في السوق السوداء لَشَهِدْنا إنخفاض بأسعار غالونات البنزين. ولو تمنَّعَ الشعب عن بيع و شراء الدولار، لشهدنا هبوط في سعر صرف الدولار، وذلك لإنخفاض الطلب على الدولار.
كل هذه الفوضى هي بِيَدِنا، و لا يجب علينا أن نلوم التجار، لأنّنا نحن من شجّعهم على جشعهم وعلى حقارتهم.
المصدر سكوبات عالمية- نوال العبدالله