كتب عماد مرمل مقالًا في صحيفة ” الجمهورية” تحت عنوان: “عون: ميقاتي يجيد تدوير الزوايا وهذا موعد الإنــفراج.. ولتُرفع الحصانات”، جاء فيه: “ما ان تدخل الى المكتب الرئاسي في قصر بعبدا، حتى يطالعك رئيس الجمهورية ميشال عون جالساً على مقعده، وقد اصطفت على أحد الرفوف خلف ظهره مجموعة من الكتيبات- المراجع، ومن ضمنها الدستور الذي يحرص على الاستعانة به والاحتكام اليه كلما دعت الحاجة، موضحاً انّه يحفظ غالبية محتوياته عن ظهر قلب “الّا انني أعود إلى النص الحرفي عندما أكون في صدد الكتابة، لمزيد من الدقة في نقل المواد او تفسيرها”.
وأضاف، “قبل ان يغوص عون في الملفات الشائكة، يجزم في انّ ضميره مرتاح، “ولكن بالي مشغول، ولهذا أجد صعوبة في النوم احياناً”. وما يلفتك انّه يضع طوقاً طبياً برتقالي اللون حول رقبته، فلما تستفسر عن السبب، يوضح انّه يعالج ما يرجِح انّها تداعيات النوم بطريقة خاطئة في الليلة الماضية”.
وتابع: “ينطلق عون في كلامه من الواقع الاجتماعي والاقتصادي السيئ، مشيراً الى انّ هموم الناس تطغى على اهتماماته في هذه الأيام الصعبة، خصوصاً وسط تقصير حكومة تصريف الأعمال في تأدية واجباتها”.
وأشار الى أن “حين يُقال له انّ البعض يأخذ عليه مصادرته لصلاحيات الحكومة ورئيسها، وتعمّده تضخيم دور المجلس الأعلى للدفاع على حسابهما، يجيب: “انا أملأ فراغاً ناتجاً من السلوك المتقاعس لحكومة تصريف الأعمال، ومن التأخير في تشكيل حكومة اصيلة، وبالتالي لا أُحدِث صلاحيات جديدة لي أو لمجلس الدفاع الأعلى، بل اتحمّل مسؤولياتي، الّا اذا كان المطلوب ان أكتفي بالتفرّج على الأزمات من دون أن احرّك ساكناً”.
واعتبر عون انّ “في إمكان حكومة حسان دياب ان تفعل اكثر مما تفعله حالياً، من دون ان تخالف الدستور”، متسائلاً: “اذا كان انعقاد مجلس الوزراء متعذراً فما الذي يمنع على سبيل المثال عقد اجتماع وزاري موسّع، بوتيرة مكثفة، لمواكبة هموم الناس ومعالجتها بالمقدار الممكن؟”.
ماذا عن الاستعدادات لاثنين التكليف؟
أكّد عون “انّ الاستشارات النيابية الملزمة ستتمّ في موعدها الاثنين المقبل، واي كتلة تطلب تأجيلها يجب أن يكون طلبها معلّلاً ومقنعاً، وعليها ان تتحمّل أمام اللبنانيين مسؤولية الدفع في اتجاه تأجيل الاستشارات. بينما لكل دقيقة قيمتها في هذا الظرف، خصوصاً بعدما ضاعت الأشهر التسعة السابقة من غير أن يتمكن الرئيس سعد الحريري من تشكيل الحكومة”.
وأضاف: “من الغرائب التي تدعو الى العجب هو انني عندما تأخّرت المرة السابقة في الدعوة إلى الاستشارات تجاوباً مع تمنيات مراجع سياسية في انتظار تبلور التفاهم على اسم مرشح، هاجمني البعض واتهمني بأنني أهدر الوقت، وحين بادرت هذه المرة الى تحديد موعد عاجل للاستشارات بادر هذا البعض الى مهاجمتي مجدداً واتهامي بالارتجال في موقفي.. ما هذه الخفة في التعاطي؟ من المعيب ان يتمّ التعاطي مع الشأن الوطني من زاوية النكايات والكيديات”.
هل من اسم محدّد تفضّله او ترشحه لتولّي رئاسة الحكومة بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري؟
شدّد عون على أنّ من واجب النواب ان “يختاروا الشخص المناسب، فهذا ليس اختصاصي، وانا ليس لديّ صوت يُحتسب، وكل ما استطيع قوله في هذا المجال هو انني ادعو النواب الى تحكيم ضمائرهم بعيداً من اي مصالح شخصية”.
هذا من الناحية الدستورية حصراً، ولكن ما هو موقفك من المنظار السياسي حيال اسم الرئيس نجيب ميقاتي الذي يتمّ التداول به؟ يجيب عون: “انا جاهز للتعاون مع الرئيس ميقاتي او اي شخصية يسمّيها النواب. ليست لديّ أي مشكلة على هذا الصعيد”.
هل تظن انّ تجربتك مع ميقاتي ستكون ناجحة اذا تمّت تسميته؟ ردّ عون فوراً: “ولمَ لا؟ الرئيس ميقاتي يجيد تدوير الزوايا، وهو من النوع المتعاون الذي يأخذ ويعطي، وبالحوار الصادق نستطيع أن نعالج اكبر مشكلة. هو يقترب قليلاً وانا اقترب قليلاً، ويمكننا عندها ان نلتقي في المنطقة الوسطى، من غير أن نخالف الدستور والأعراف، خصوصاً انّ تشكيل الحكومة ليس اختراعاً للبارود، وهناك معايير وتوازنات واضحة يجب ان نستند اليها، وبمقدورنا ان نتوافق عليها بسهولة”.
وماذا عن النائب فيصل كرامي؟ هل هو مرشحك الضمني المفضل؟ يلفت عون الى “انّ كرامي ابن عائلة سياسية عريقة ومتجذرة في التاريخ، وشرعيته السنّية والوطنية تجري في دمه، وهو لا يحتاج إلى براءة ذمّة او شهادة حسن سلوك، وإن اختاره النواب سنستطيع بالتأكيد التعاون والتفاهم. لكن أعود واكررّ، أنّ من واجبي ان أحترم إرادة النواب الذين سيشاركون في الاستشارات الملزمة”.
ماذا لو لم يتمّ التوافق على اسم او تأمين اكثرية داعمة له حتى الاثنين؟ هل من الوارد حينها تأجيل موعد الاستشارات؟ يؤكّد رئيس الجمهورية “انّ الأفضل هو تأمين التوافق او الأكثرية مسبقاً حول مرشح محدّد. أما إذا لم يتحقق ذلك فهذا لا يعني إرجاء الاستشارات، بل انا من جهتي مصمّم على إتمامها الاثنين، وفي حال لم يحصل اي اسم على الغالبية الكافية، نعيد الكرّة حتى تفوز إحدى الشخصيات”.
وعندما يُسأَل عمّا اذا كان سيسهّل مهمّة الرئيس المكلّف الجديد خلافاً لما ظهر عليه خلال فترة تكليف الحريري، ينتفض عون في مقعده خلف الطاولة، قائلا: “انا لم أعرقل مهمة الحريري، بل هو الذي ابتكر العراقيل وصعّب الأمور بمقارباته المغلوطة، فكنت اضطر الى التدخّل لتقويم الإعوجاج ومواجهة الخلل الدستوري الفادح”.
وتابع: “في المبدأ، لست أنا من يفاوض على تشكيل الحكومة بل هذه مهمّة الرئيس المكلّف بالتشاور مع رؤساء الكتل النيابية، ثم يعود إليّ في نهاية المطاف إجراء مراجعة للتشكيلة وإبداء الملاحظات عليها. هذه هي المنهجية الطبيعية، لكن مع وجود قطيعة بين قوى مسيحية اساسية والحريري، اضطررت الى ان أفاوض نيابة عن المكون المسيحي لحماية الميثاقية والتوازن، كما يقتضي واجبي كرئيس للجمهورية”.
وهل سعد الحريري محق في ما أعلنه حول انك كنت تسعى الى تأليف حكومة ميشال عون؟ تتسرّب علامات الاستغراب الى وجه عون الذي يلفت الى انّه لم يحصل ان طرح على الحريري صيغة متكاملة بالأسماء “كي يقول انني حاولت أن افرض عليه حكومة ميشال عون، بل طرحت فقط مبادئ عامة ينبغي أن ترتكز عليها الحكومة”.
أضاف: “الصحيح هو انّ الرئيس المكلّف آنذاك حاول أن يفرض حكومة سعد الحريري عليّ، والدليل القاطع يكمن في تشكيلته الأخيرة التي نسف فيها كل المعايير والأصول، فلا احترام للاختصاصات في عدد من الوزارات، ولا مراعاة لقواعد توزيع عدد من الحقائب، ومع ذلك سعيت الى ان أناقشه للتعديل، الّا انّه أصرّ على ركائز تشكيلته التي يعرف انّه لا يمكن قبولها”.
ويرفض عون اعتبار اعتذار الحريري انتصاراً سياسياً له، معتبراً انّه لا يجب إعطاء هذه المسألة اكبر من حجمها الطبيعي: “رئيس مكلّف واعتذر.. بتصير”.
هل توافق على ما اورده الحريري في مقابلته الأخيرة من أنّه كان له فضل عليك في وصولك الى رئاسة الجمهورية؟
سارع عون الى الردّ بالمثل: “وانا كان لي، مع جبران باسيل، الفضل الأكبر في إنقاذه عندما كان في خطر، وهذه اهم بكثير من اي شيء آخر. لقد قدت أوسع تحرّك ديبلوماسي لإعادته الى لبنان، وجبران جال على العالم ووصل الليل بالنهار لمساعدته. واكرّر انني أدّيت واجبي لا أكثر ولا أقل، ولست في صدد “تربيح الجميلة، لكن هذا لا يمنع انني فوجئت بموقف سعد بعدما عاملته صادقاً كواحد من أبنائي، ومع ذلك اتصلت به وعايدته لمناسبة عيد الأضحى المبارك، لأنني افصل العلاقات الاجتماعية عن الخلافات السياسية”.