تحديد موعد الإستشارات النيابية الملزمة لا يعني أن الخطوة الأولى في تأليف الحكومة أصبحت مؤكدة، بل هي بحكم الأمر الواقع، مازالت إفتراضاً في عالم المجهول، طالما أن التأجيل يبقى وارداً في اللحظة الأخيرة، بحجة عدم التوافق على اسم رئيس الحكومة العتيد بين المكونات السياسية في مجلس النواب.
ويبدو أن الإسراع في تحديد مواعيد الإستشارات في القصر الجمهوري، كان بمثابة رسالة لإبعاد شبهة التعطيل عن رئاسة الجمهورية، وقذف كرة النار نحو المجلس النيابي، الذي لم تتفق الكتل الكبيرة فيه على مرشح معين لتشكيل الحكومة الجديدة.
ردود الفعل الأولى من فريق العهد لم تكن مشجعة على التفاؤل بحصول تغيير في الذهنية والتعقيدات التي حالت دون الولادة الحكومية برئاسة الرئيس سعد الحريري. بل لعل العكس هو الصحيح، حيث تسارعت تصريحات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ونوابه، في الإعلان عن رفض تقديم أي تنازل للرئيس المكلف الجديد، فضلاً عن رفضهم المشاركة في التسمية، وعدم إعطاء الحكومة الثقة، رغم الإستمرار في التمسك بالوزارات السيادية والمنتجة التي حافظ الفريق العوني على الإحتفاظ بها، وفي مقدمتها وزارة الكهرباء والطاقة، ووزارة الدفاع، والخارجية، تُضاف لهما وزارة الداخلية المعنية بإجراء الإنتخابات النيابية المقبلة.
كلام التيار الوطني الحر المعادي لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي، وملاقاة رئيس القوات سمير جعجع لخصمه اللدود جبران باسيل في إتخاذ الموقف السلبي من التكليف المفترض لميقاتي، سواء بعدم التسمية، أو المشاركة وإعطاء الثقة للحكومة العتيدة، من شأنه أن يفضح مناورة تحديد مواعيد الإستشارات والقابلة للتأجيل في آخر لحظة، أو العمل على تعطيل عملية التأليف لأشهر أخرى، على إيقاع الإنهيارات والمجاعة والإفلاس الشامل، وشل قدرة الحكومة على السيطرة على الوضع الإجتماعي والإقتصادي والمعيشي، ولو أدّى ذلك إلى القضاء على ما تبقى من مقومات الدولة.
المعركة الاستباقية التي فتحها باسيل باكراً ضد ميقاتي، وإضطرار جعجع للمسايرة في المزايدات المسيحية الشعبوية، عشية الإنتخابات النيابية المقررة في أيار المقبل، تُشير إلى إحتمال بقاء البلد بلا حكومة فاعلة وقادرة حتى نهاية ولاية العهد الحالي!
المصدر : اللواء