كتب عماد مرمل في “الجمهورية”: سعى الحريري جاهداً الى استجرار طاقة الدعم المسيحي من احد معملي الإنتاج في ميرنا الشالوحي ومعراب، الّا انّ محاولاته أخفقت، والتقت القوتان المسيحيتان المتنافستان والمتنازعتان على الامتناع عن تغطية حكومته المفترضة، كلٌ لأسبابه واعتباراته
وبناءً عليه، يكون كل من باسيل وجعجع قد اوصل على طريقته رسالة إلى الحريري، فحواها انّه لا يستطيع أن يشكّل حكومة من غير أن يكون متفاهماً مع الكتلتين النيابيتين الأكبر في البيئة المسيحية او مع إحداهما. هي رسالة اختلط فيها السياسي بالميثاقي، وأعادت ترسيم حدود التوازنات الداخلية وخط الاستواء الطائفي.
لقد قالها «التيار الوطني الحر» وحزب ««القوات اللبنانية» بصراحة الى الحريري: «من دوننا لا يمكنك تشكيل الحكومة، وتفاهماتك الإسلامية لا تعوّضك عنا حتى لو كنا منقسمين».
لكن ذلك لا يعني انّ «التيار» و«القوات» سيعيدان الاعتبار مجدّداً الى «اتفاق معراب» الذي لم يعد له اي محل في الإعراب، وانتهت مدة صلاحيته منذ فترة طويلة. انّه مجرد تقاطع ظرفي عند الخصومة ضدّ الحريري، والخصومة المشتركة مع الآخر لا تفضي بالضرورة الى اتفاق داخل المجتمع المسيحي، حيث الخلاف على الخيارات الاستراتيجية والمصالح التكتيكية يفرّق بين باسيل وجعجع.
وقد اتى الفتور المتزايد بين البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس «المستقبل» ليفاقم مشكلة الحريري مع الشريك المسيحي المفترض. هذا الفتور بدأ مع الافتراق التدريجي بينهما في مقاربة ملف تشكيل الحكومة قبل اعتذار الحريري، ثم اتسع مع اعلان الراعي امس الاول عن الحاجة إلى رئيس مكلّف يكون على قدر التحدّيات، ما استفز الحريري الذي أحس بأنّ هذه الاشارة تنطوي على «لطشة» له، فقرّر التصدّي لموقف البطريرك عبر تصريح أدلى به المسؤول عن موقع «مستقبل ويب» جورج بكاسيني، وهذه من المرات النادرة التي يُسجّل فيها ردّ حاد وعلني من «بيت الوسط» على بكركي.
المصدر: الجمهورية