لا شك أن تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة لا يعني أن التكليف سيكون تحصيلا حاصلا يوم الاثنين المقبل،علما ان هذا التاريخ ليس مؤكدا، طالما أن أي إتصال لم يحصل بين بعبدا وعين التينة. فالقوى السياسية الاساسية التي استخدمت كل “الأسلحة الفتاكة” سياسيا واعلاميا ضد بعضها في الاشهر الماضية والتي افضت الى اعتذار الرئيس سعد الحريري، هي نفسها مختلفة اليوم على “جنس ملائكة” الرئيس المرتقب للحكومة وليست بوارد التراجع او التنازل او القبول بشخصيات تحت وطأة الضرورة الملحة والظروف الاستثنائية. لكل من هؤلاء حساباته السياسية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي و بـ”المحاور الاستراتيجية” والتي تفوق اي اعتبار محلي داخلي. وبالتالي من غير المنطق ذهاب التيار الوطني الحر الى الظن انه نجح في تحقيق مكاسب سياسية مع اعتذار الحريري، لا سيما أن الاسماء التي يروج لها ليست مقبولة على الاطلاق عند حزب الله، مع الاشارة الى ان النائب فيصل كرامي ليس في وارد الترشح لاعتبارات كثيرة، وقد تواصل مع الرئيس الحريري في هذا الشأن.
شاعت في الأيام الماضية في الأوساط السياسية معلومات عن نية “العهد” ترشيح السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة، بعدما تعذر عليه تجيير اسم النائب فؤاد مخزومي عند حزب الله (مخزومي مرشح دائم لباسيل)، فنائب البترون يرغب ببعث رسائل “حسن نية” الى المجتمع الدولي خاصة وانه يعيش هاجس الانتخابات الرئاسية في العام 2022، وبالتالي فإن الميل الى تسمية سلام مرده أنه يحظى بدعم خليجي وعلى وجه الخصوص سعودي وبدفع أميركي واوروبي، ويلاقي قبولا عند المجتمع المدني وثوار 17 تشرين وقوى سياسية معارضة، بيد ان هذه الفكرة التي تراود منذ فترة طويلة التيار العوني لاعتبارات ضيقة تزعج حزب الله الذي لن يقبل على الاطلاق الذهاب الى استشارات تفضي الى تسمية سلام رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة المقبلة، فسلام والرئيس فؤاد السنيورة بالنسبة اليه سواسية، تقول مصادر مطلعة على موقف حزب الله لـ”لبنان24″، معتبرة ان طرح كهذا يعني ان التيار البرتقالي يريد أن يفتعل اشكالا مع حزب الله،وهذا الامر لا مصلحة له به، فالانتخابات النيابية المقبلة على الابواب وثنائي حركة امل وحزب الله في قمة الاطمئنان الى جمهوره في مناطقه، على عكس الواقع في الشارع المسيحي واللبيب من الاشارة يفهم، تقول المصادر ، خاصة وان التيار الوطني الحر اليوم في اسوأ ظروفه فهو على خصومة مع معظم القوى السياسية، وباسيل نفسه في أكثر من لقاء مع مسؤولي حزب الله قبل اعتذار الحريري دعا قيادة حارة حريك إلى عدم الالحاح عليه في ملف التأليف، لأن تياره في وضع لا يحسد عليه.
يؤكد المقربون من عين التينة وحارة حريك، أن اي استشارات لن تجرى قبل التواصل والتشاور مع المكون السني احتراما للميثاقية،وبالتالي فإن الترويج لأسماء أو لمواعيد قبل حصول التفاهم في غير محله، خاصة وان حزب الله ، بحسب مصادر مقربة منه، لن يذهب الى خيار حكومة اللون الواحد التي أثبتت فشلها، بعدما دخلت الصراعات الى صفوفها وانبرى داعموها إلى وضع العصي امام رئيسها. وهذا يعني، وفق أوساط متابعة، أن المسار المقبل في غاية التعقيد، إذا استمر تيار المستقبل ورؤساء الحكومات السابقون على رأيهم في عدم تسمية اي شخصية او حتى دعمها اقتناعا منهم أن العهد لن يسهل مهمة اي رئيس حكومة، لا بل على العكس سوف يضيق عليه، الامر الذي سيؤدي إلى فشل حكومته. هذا عطفا عن أن المجتمع الدولي الذي سارع إلى دعوة المعنيين الى اجراء الاستشارات النيابية الملزمة في أسرع وقت لتاليف الحكومة، يبقى همه الاول والاخير هو اجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها، وبالتالي لا ضير من تعويم حكومة الرئيس حسان دياب للاشراف على هذه الانتخابات.
المصدر : لبنان24 – هتاف دهام