لبنان الآن أمام كارثة، والعدّ العكسي للإنهيار الكبير قد بدأ، حيث إن الاعتذار سيُدخل البلاد في دوامة جديدة من الفراغ والفوضى السياسية ،بعد إضاعة الفرص الثمينة على الوطن والمواطنين.
ان هذا السلوك المحبط، هو الذي خرّب لبنان، وفاقَم من تعقيدات الأزمة، ويضعهُ الآن أمام احتمالات صعبة وخطيرة، فبات الشعب أسير منظومة حاكمة تحكّمت بمصائرهم وقادتهم نحو الخراب.
لا يمكن تحقيق استقرار اقتصادي ولا إصلاح إداري أو مالي من دون توفير شبكة أمان سياسية للبلد للنهوض به من أزماته الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما أن الحرمان او الاحباط او الاقصاء او الاستفزاز والفساد كِلْفَتَهُم على البلد عالية جداً واعلى بكثير من اي تسوية تحترم الحقوق الشرعية.
الآن وبعد مرور اكثر من ١١ شهرا تقريبا من دون حكومة بسلطات كاملة، الم يحن الوقت للتخلي عن تلك الشروط والبدء بالتسوية؟
بدايةً، تنبغي الإشارة إلى أن مصطلح “التسوية” يعني حصول اتفاق بين طرفين مختلفين يتنازل فيه كل فريق للآخر وصولاً إلى ما يُرضي الطرفين، علماً بأن موازين القوى قد تقتضي أن ينال فريق أكثر من الثاني.
انطلاقاً من هنا، وكما يراها المراقبون، فبعد خروج الحريري من حلبة التأليف، عُلم ان حزب الله وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون ومن ورائه التيار الوطني الحر ليسوا راغبين في المواجهة، او بمعنى اخر ليسوا معنيين بتحمل مسؤولية الكارثة الاقتصادية وحدهم، وهذا امر متوقع في حال شكل حكومة من لون واحد، لأنّ الشارع سينفجر في وجههم وسيحملهم الناس مسؤولية الخراب.
وهنا نشير لهواجس وقلق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ويقول العارفون انّ الرجل يشعر بحجم الضرر الذي تسببه الازمة المالية والمعيشية والسياسية وخوفه الحقيقي من الانهيار الكامل.
ولا تخفي اوساط بارزة في الحزب الاشتراكي لوكالة “اخبار اليوم”، عن هذه الهواجس وانّ ما يقوم به رئيس الحزب هو وقائي وخوفاً من الدمار الذي ستحدثه الهزات العنيفة والعواصف التي تضرب البلد.
في الخلاصة، لن يحصل تغيير في لبنان دون تسوية حقيقية تحدد النقاط التي تنازل عنها كل فريق للآخر.
واستبعاد البحث في القضايا الخلافية المرتبطة بوجود لبنان ودوره فهذا اجترار للأزمة، او عن صلاحيات الرئاسات الثلاث فالكل يترجم الدستور على هواه وحسب مصالحه الشخصية الضيقة.
وعليه، يحتاج لبنان اليوم قبل الأمس، وقبل حسم خريطتهُ السياسية بتحديد خياراته اما التسوية او الفوضى الشاملة.
المصدر : وكالة أخبار اليوم – شادي هيلانة