من الطبيعي أن تأخذ عملية الولادة 9 أشهر، لكن في حالة الحكومة يبدو وكأن خللًا ما أصاب هورموناتها، وطريق الولادة برئاسة رئيس الحكومة المكلف باتت من شبه المستحيل.
فبعد 9 أشهر من انتظار اللبنانيين وصبرهم بعد إذلالهم في طعامهم وشرابهم وأبسط حقوقهم يبدو أن الحكومة “روّحت”. ليس غريبًا الحديث في الأوساط المحلية عن استقالة مرتقبة للحريري فهذا ما يروجه كثيرون وهذا ما تبينه المعطيات، لكن الغريب بعض الشيء هو الاعتراف الضمني من قبل أوساط تيار المستقبل بهذه الاستقالة الوشيكة. فقبل فترة وفي ظل الحديث عن إمكانية استقالة الحريري، كان يطل نواب المستقبل منكرين ذلك وقائلين ما معناه أن الاستقالة بعيدة ولكن كل الاحتمالات واردة لاحقًا، أما اليوم فبات الجواب مختلفًا وهذا ما أظهره أحد نواب كتلة المستقبل لـ”لبنان 24″ حول استقالة الأخير قائلًا: “إن المجالس بالأمانات” وكأن السؤال كان يجب أن يكون: “متى استقالة الحريري”، عوضًا عن “هل يستقيل” ؟.
وفي معرض حديثه عن الحكومة لفت المصدر إلى كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مؤخرًا عن أن رحيل الحريري هو خسارة للتيار قائلًا بأنه “حكي فاضي”، موافقًا على أن الأخير عمل بإصرار على إزاحة الحريري عن مهمة تشكيل الحكومة.
مصادر متابعة للملف الحكومي أكدت بدورها لـ”لبنان 24” أن الحريري أخذ قراره بالاستقالة لكن ما يوقفه عن الإعلان عنها عدد من المسائل أبرزها على الإطلاق أن رئيس مجلس النواب نبيه بري نصحه بدراسة طريقة الإعلان بحيث أنه إذا استقال الحريري وقال للرئيس عون أنه لا يحمل بجعبته بديلًا عنه، فسوف يختار باسيل أحد الأشخاص ويمسك البلاد. لذلك وفق بري فإنه من الأفضل كما تقول المصادر دراسة الموضوع واختيار شخص بديل قبل الإعلان عن الاستقالة بحيث يتم حينها الذهاب إلى القصر الجمهوري وإبلاغ عون الاستقالة والشخص البديل في الوقت نفسه.
وأشارت المصادر إلى أن هناك عددًا من الأوراق الرابحة للحريري بعد استقالته، فهو يوقف أولًا الاستنزاف الحاصل لأنه في النهاية هو شريك به ولو أن مسؤولية غيره أكبر من مسؤوليته. أما الأمر الآخر فيكمن في الموضوع الخارجي بالأخص السعودي إذ إن مصر قالت للحريري أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لا يريده رئيسًا للحكومة ومن ثم فهو هنا يتخلص من هذا العبء وليحمله غيره. إضافة إلى ذلك، وفق المصادر فيرى الحريري أنه من الأفضل أن يستقيل خصوصًا وأن حكومته ستكون قصيرة لذلك فمن الجيد أن يكون خارج السلطة في هذه الفترة تحضيرًا للانتخابات النيابية وكسب أكبر عدد من جمهوره.
أما بالنسبة للفائدة التي يستحصل عليها خصوم الحريري وبالتحديد التيار الوطني الحر فتكمن بالتخلص منه بكل بساطة ومنعه من الإشراف على الانتخابات النيابية المقبلة وأخذ زمام الأمور بعد الفراغ الرئاسي فباسيل لديه طموح في المسألتين سواء في الانتخابات النيابية وحتى الرئاسة ومن أجل ذلك “لا يريد الرئيس بري إخلاء الساحة لجبران”. وإلى أن تنتهي الصراعات السياسية ونصل إلى حل مفيد نقول: “الله يزيد صبرك يا لبناني”.