مرجع حكوميّ سابق، وفي معرض تطرُّقه إلى الأزمة الحكومية وإشكاليّة الاعتذار أو عدمه في مجلس خاص، يقول: “الرئيس الحريري يبدو في هذه الفترة أنّه يمتلك صكّ ملكيّة للسراي الحكومي. من المؤكّد أنّه لن يتنازل عن هذا الصكّ، ولن يلجأ إلى عرضه للبيع، وليس أمامنا سوى إقناعه بأن يعمد إلى إيجار السراي لشخصيّة يأتمنها عليه، وبعد ذلك لكلّ عقدة حلّ، وبعد ولادة الصبي نصلّي على النبي…”.
كلّ الوقائع والمصادر تشير إلى أنّ اعتذار الرئيس سعد الحريري قد يمكن لأيّ طرف تأخيره، إلا أنّ الجميع عاجز عن إيقافه، مع تحوُّله إلى حاجة للجميع من أجل إعادة التموضع أو صياغة استراتيجيّات جديدة للمواجهة، وتحديداً على أبواب الانتخابات النيابية.
على خلفيّة حتميّة الاعتذار، وضرورة التبصّر في الخطوات التي ستلي ذلك، يبقى السؤال الشاغل عن هويّة البديل المحتمل للرئيس الحريري لتشكيل الحكومة المنتظرة. هل هو نجيب ميقاتي أو تمّام سلام، إن كان الخيار سينحصر في نادي رؤساء الحكومة السابقين، أم يكون نواف سلام، إن جنحنا إلى أحلام بعض المنظّرين الاقتصاديين أو كوادر المجتمع المدني، أم يقع الخيار على محمّد فهمي الرجل الذي لا يستفزّ أحداً ويُرضي الجميع، كما يصفه كثيرون، وليس لديه أحلام انتخابيّة؟
يكشف مرجع رسميّ أنّه فاتح الرئيس تمّام سلام في إمكان تكليفه تشكيل الحكومة، إلا أنّ جواب الرئيس سلام كان حاسماً وجازماً: “لن أرئِس حكومة في عهد ميشال عون”. إلا أنّ البعض لا يرى نهائيّةً في موقف سلام على الرغم من أنّ الرجل صادق في ما يقول، ولا يبدو أنّه يناور، بل تؤكّد الوقائع والمعطيات أنّ الأمور ستلفّ وتدور لتعود إلى الرئيس تمّام سلام مرشّحاً لا بديل عنه. فهو وحده مَن يملك مواصفات المرحلة، والقادر على تمرير أزماتها واستحقاقاتها انتخابيّاً ونقديّاً واجتماعيّاً. فتدوير الزوايا، مع بعض الضمانات من أطراف داخلية وخارجية، قد تُقنِع الرئيس سلام بالتراجع عن موقفه وقبول التكليف.
بالمقابل الرئيس نجيب ميقاتي، وبعكس ما يوحي به بعض المقرّبين منه عن تعفّفه عن قبول التكليف بهذه المرحلة، فإنّ ما يرشحُ من خارج الحدود وبعض دواخلها يبيّن أنّه يسعى إلى دخول السراي من بوّابات خارجية، وتحديداً فرنسية، ويرى إمكان قبول التكليف إن وصل إليه بثلاثة شروط:
1- ترشيحه من قبل نادي رؤساء الحكومة.
2- الاتفاق المسبق على شكل الحكومة حقائبَ ومهمّات.
3- لا شروط سياسية مسبقة عليه، وتحديداً لجهة عدم رئاسته لأيّ حكومة بعد الانتخابات النيابية.
.. اسم البديل للرئيس سعد الحريري بيد الرئيس الحريري نفسه. هذا على الأقلّ ما تؤكّده أوساط عين التينة. شروط الرئيس الحريري في هذا السياق تقوم على معادلة واحدة: إنّ البديل كي يسمّيه الرئيس الحريري لا بدّ أن يكون زائراً للسراي الحكومي وليس مقيماً. هو مكلّف بمهمّة محدّدة بالمضمون والمدّة. وتنتهي صلاحيّته بانتهاء هذه المهمّة، حيث لا ملاحق لها في المستقبل داخل السراي وخارجه. إضافةً إلى شروط الرئيس الحريري لا يمكن إسقاط عوامل مؤثّرة أخرى في التسمية، أبرزها علاقته مع الثنائي الشيعي وحتميّة موافقة هذا الثنائي على الاسم البديل المقترَح من بيت الوسط.
يؤكّد مرجع رسمي أنّ اعتذار الرئيس الحريري، من دون تسميته لبديل عنه يتوافق عليه المعنيّون، هو إعدامٌ لاتفاق الطائف وإدخالٌ للبلد في المجهول. وهنا يتأكَّد المؤكَّد، وهو أنّ البحث في الأسماء لا يُجدي، بل يجب أن ينصبّ هذا البحث على إجماع السُنّة، بمعيّة سعد الحريري، على البديل لهذه المرحلة الانتقالية، حيث لا يكون هذا البديل شخصاً باسمه بقدر ما يمثّل الإجماع السُنّي. بالإجماع وحده لا يكون هذا البديل مشروع إلغاء لسعد الحريري، كما يظنّ أو كما يوحي له بعض المحيطين به، ولا مشروع هزيمة سياسية، بل محطة لالتقاط الأنفاس والاستعداد للانتخابات النيابية.
المصدر : أساس ميديا – زياد عيتاني