ابلغ الرئيس سعد الحريري من يعنيهم الامر بأنه حسم امره بالاعتذار، هذه المرة بشكل نهائي، لكن لم يحدد موعدا واضحا لهذا الامر، ربما يريد فرصة حقيقية تجعله يكسب شعبيا بدل الخسارة، او ينتظر لحظة يحرج فيها خصمه الاساسي الرئيس ميشال عون.
في السياسة، وبمجرد احتفاظ الحريري بالتكليف لاشهر طويلة، مستهلكاً عهد الرئيس ميشال عون يكون قد حقق نقاطاً عليه، وكذلك فعل الرئيس نبيه بري الذي لا يزال راغبا بألا يعتذر الحريري وان يستمر بمساعيه للتأليف، لان ذلك يحقق احد امرين، اما تشكيل حكومة بعكس ما يريدها عون او انتهاء عهده من دونها.
لكن تركيب السياسة في لبنان لا تجعل اي خسارة احادية الجانب، فعون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ربحا ايضاً، فقد استطاعا من خلال كل هذا الصراع الذي اعطياه عنوان الحقوق، شد العصب العوني والمسيحي واسترجاع بعض ما خسراه شعبيا منذ ١٧ تشرين ٢٠١٩.
لكن ماذا لو اعتذر الحريري اليوم؟ في الشكل سيربح عون، ويكون قد حقق ما لم يكن احد يصدق حدوثه، وابعد خصمه اللدود عن اخر حكومات العهد، حكومة الانتخابات، والتي من المرجح ان تكون حكومة تصريف الاعمال في ظل الفراغ الكبير بعد الانتخابات.
هذا اذا افترضنا ان اعتذار الحريري سيؤدي الى تشكيل حكومة برئاسة غيره، في كل الاحوال، ابتعاد الحريري عن المشهد الحكومي هو مكسب لعون وباسيل وتكريس لنظرية” اما جبران والحريري معا داخل الحكومة او معا خارجها”.
كما ان اعتذار الحريري سيعطي الحريري ايضا مجالا للمناورة، اذ، وبعدما استطاع بدوره شد عصبه الشعبي، سيبتعد عن الواجهة، ويجلس بعيدا يراقب الانهيار الذي سيقع على رؤوس معارضيه، وهذا الامر، بحد ذاته، في ظل الاوضاع الحالية مكسب كبير.
ما يحدد حجم مكاسب الحريري سيكون توقيت اعتذاره، اذ سيحاول الظهور بمظهر المسهل الساعي للتشكيل، وفي الوقت نفسه لا يرغب بأن يظهر بأن عون انتصر عليه وابعده عن رئاسة الحكومة، وهذا الامر يحتاج الى ترتيبات سياسية يعمل عليها مع الرئيس نبيه بري.
لبنان 24