الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد تزداد تفاقما وخطورة كل يوم ليس لعدم قدرة لبنان على مواجهتها فحسب، انما لامتناع المسؤولين عن معالجتها كما هي الحال بالنسبة الى الموازنة العامة للعام الجاري 2021 العالقة على طاولة مجلس الوزراء تنتظر الدرس والاقرار والإحالة الى المجلس النيابي لمناقشتها وتصديقها قبل نهاية السنة وتحديداً في كانون الاول المقبل.
بديهي، والحال هذه والموازنة لم تقر بعد، ان يصار الى الصرف على القاعدة الاثني عشرية التي هي علة كل هدر ومن أهم أسباب ما آلت اليه البلاد من عجز مالي فاق المائة مليار دولار أميركي كون الصرف على هذه القاعدة لم يعد استثناء بل بات هو القاعدة نتيجة غياب الموازنات لسنوات عديدة خلت.
ومع علم اهل السياسة والاقتصاد ان الصرف على القاعدة الاثني عشرية يتيح للوزارات والادارات تخطي دوائر التفتيش واجهزة الرقابة، واجراء التلزيمات رضائيا مع ما ينطوي عليه ذلك من تنفيعات ومكاسب مالية شخصية، فان الحكومة لم تبادر حتى الساعة الى درس الموازنة العامة متذرعة بأن وضعية تصريف الاعمال لا تسمح لها بذلك.
مرجع دستوري وقانوني يقول لـ”المركزية” إن امتناع الحكومة عن تصريف الاعمال سابقة لم تعرفها البلاد حتى في احلك الظروف التي مرت بها، اذ بقيت الحكومات المستقيلة تمارس واجباتها على أكمل وجه وذلك في نطاق ما يجيز لها الدستور لتأمين الدورة الاقتصادية الطبيعية للبلاد. ويجيء درس الموازنة واحالتها الى المجلس النيابي لدرسها واقرارها في مقدم الواجبات التي تحتم التئام الحكومة، لان الصرف على القاعدة الاثني عشرية استثناء ومن أهم الأسباب التي أدت الى الكارثة المالية الراهنة.
واستغرب المرجع المشار إليه اعتكاف الرئيس حسان دياب وامتناعه عن ممارسة واجباته وتركه الامور على عواهنها، تتفاعل يوما بعد يوم من أزمة المحروقات التي اشاعت الظلمة في البلاد واذلت المواطنين على محطات الوقود، الى ازمة الدواء وفقدانه من الصيدليات، وصولا الى الغلاء الجنوني للاسعار وفقدان المواد الحياتية من الاسواق، في حين أنه يحاضر كل يوم ويحمل المسؤوليات الى سواه من الحكام والمسؤولين الذين سبقوه في ادارة البلاد وتسببوا بالوصول الى ما نحن عليه.
وختم المرجع بالقول أن امتناع الحكومة عن القيام بمهامها في هذه الايام العصيبة جريمة يعاقب عليها القانون، وفي استطاعة كل إنسان متضرر نتيجة هذا الاعتكاف الحكومي ان يتقدم بشكوى أمام المراجع المحلية والعالمية المختصة.