تشهد السهوب القاحلة الشاسعة في كازاخستان طفرة في ولادات ظباء السايغا بعدما كانت خلال السنوات الأخيرة عرضة لخطر الانقراض.
ووفقاً لوكالة “فرانس برس”، يمكن تمييز ظباء السايغا بسهولة من عيونها السوداء الكبيرة وكماماتها الشبيهة بالخرطوم، وقد بدا قبل 6 سنوات أنها آيلة إلى الانقراض.
ففي العام 2015، أدت بكتيريا ساهم في نشوئها مناخ أكثر حرارة ورطوبة من المألوف إلى نفوق نحو 200 ألف من هذه الحيوانات، مما أدى إلى خفض اعدادها.
ومع هذا، فإنّ بعض العلماء يشخون إمكان تكرار مثل هذه الأوبئة بفعل التغير المناخي.
أما زيادة أعداد الظباء مجدداً في سهول كازاخستان الشاسعة اليوم، فهي نتيجة “فاعلية التدابير الهادفة إلى الحفاظ على هذه الحيوانات ومكافحة الصيد الجائر”، بحسب ما تقول وزارة البيئة الكازاخستانية.
وأظهرت أحدث عمليات المسح الجوي أن عدد هذه الحيوانات ارتفع من 334 ألفاً عام 2019 إلى 842 ألفاً سنة 2021.
قرون وصيد جائر
وتبدي منسقة مبادرة “ألتين دالا” لحفظ الأنواع فريدة أديلبيكوفا ارتياحها إلى ارتفاع عدد المواليد في نيسان/أبريل وأيار/مايو 2021.
وذكرت أديلبيكوفا بأن وباء عام 2015 تفشى في منتصف فترة وضع الحيوانات صغارها، “عندما كانت القطعان مكتظة في مجموعات”، مما سهل انتشار التلوث.
ولم يكن هذا الوباء سوى أحدث تطوّر هدد هذه الحيوانات بالانقراض. ففي بداية القرن العشرين، قلص الصيد عدد الأفراد من هذا النوع إلى بضعة آلاف.
وخلال الحقبة السوفياتية، تم حظر الصيد كلياً حتى خمسينات القرن الفائت، ثم سمح له ولكن وفق نظام حصص صارم جداً.
لكن الصيد الجائر شاع من دون اي قيد بفعل تفكك الاتحاد السوفياتي والفوضى التي سادت في التسعينات، وعزز نمو التهريب المربح لقرون الذكور التي تستخدم في الطب التقليدي في الصين المجاورة، بحسب “فرانس برس”.
ومع وصول هذا النوع إلى حافة الهاوية، قررت الحكومة الكازاخستانية التحرك من خلال تشديد التشريعات ضد هذه السوق السوداء وتعزيز تطبيقها اعتباراً من نهاية عام 2010.
وساهم في تعزيز هذا الوعي حادث حصل عام 2019، حين قتل صيادون اثنين من حراس مكافحة الصيد، مما أدى إلى تحريك الرأي العام.
وتلاحظ فريدة أديلبيكوفا أن مقتل الحارسين كان بمثابة نقطة تحول إذ “بدأ المجتمع يتنبه إلى الصيد الجائر”.
وأصبح أحد الضحيتين وهة إيرلان نورغالييف بطلاً قومياً، وأقيمت تكريماً له لوحة جدارية في ألماتي ، كبرى مدن البلاد ، تظهره وهو يهتم بظبي سايغا صغير.
عودة الذكور
وإذ ترحب أديلبيكوفا بتشديد إجراءات مكافحة الصيد الجائر والقرار الأخير بإنشاء حديقة وطنية في غرب البلاد، تأسف لاستمرار بعض مشاريع البنية التحتية.
ويتثمل أحد هذه المشاريع في إقامة طريق يزيد طولها عن ألف كيلومتر عبر السهوب والمناطق شبه الصحراوية في النصف الغربي من كازاخستان، مما يقطع طرق هجرة الظباء.
ويعتقد الاختصاصي الآخر ألبرت سالم غارييف أن الانتعاش في عدد حيوانات السايغا يؤدي أيضاً إلى تحديات جديدة. ففي شمال غرب كازاخستان، تجد الظباء نفسها في منافسة مع الماشية الداجنة. غير أنّ غارييف يرى بشكل عام أنه ثمة”ديناميكية إيجابية” للنوع.
ويشير الخبير إلى أن “ما يتزايد ليس عدد السايغا فحسب، بل كذلك عدد الذكور مقارنة بالإناث”.
فقبل خمس سنوات، كانت نسبة الذكور إلى الإناث انخفضت إلى واحد في مقابل كل 18، إلا أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن النسبة اقتربت من “واحد إلى سبعة أو واحد إلى ثمانية”، بفعل الانخفاض الملحوظ في الصيد الجائر.
لبنان 24