جمود قاتل، وخيبات أمل أجنبية تسيطر على ملف تشكيل الحكومة، الذي ارتضى الجميع أن تُؤلّف ولو “على شكلو شكشكلو” ، ترفع من منسوبهما، بيانات ومواقف عشوائية غير محسوبة النتائج، كفيلة في كل مرة بوضع الملف عالرّف، فيما اللبنانيون على قناعة أن ورقة حكومتهم محجوزة في مكان ما ، لغايات في نفس مجهول معلوم، حجز لهم “تيكت” روحة بلا رجعة إلى جهنم، التي مهما تعدّدت أسبابها، يبقى ذلًها، قهرها، ووجعها واحداً. يشذّ عن قاعدتها جنرال بعبدا ، غير اليائس من الحلول رغم كل ما حصل وآت مرتقب، مقابل صرح بطريركي يواصل حملته على الطبقة الحاكمة وأدائها.
ففي اليوم الثالث على نداء الاستغاثة الذي وجهه “رئيس التيار الوطني الحر” جبران باسيل، وإنقاذاً لما تبقّى، رُصدت حركة “رفع عتب” باتجاه البياضة مع فتح خط تواصل. “إرتباط وتنسيق” بينها وبين الحارة، بعد الإشارات التي سمعها النواب العونيون من زملائهم في الحزب عن اقتراب موعد وصول الجواب إلى المعنيين، في وقت يستمر إستيذ عين التينة بطحشته كأن شيئا لم يكن، ما يطرح أكثر من علامة إستفهام عما إذا كان ثمة من تنسيق مخفي بينه وبين الحزب.
ومع انسداد أفق الحل الحكومي بسقوط الآمال المعلّقة على التدخلات الخارجية، خصوصا إستبعاد القمة الأوروبية لبنان عن أجندتها من جهة، وفرملة عين التينة لمساعيها، باتت البلاد رهينة قرار “حزب الله”، بعدما أوكل إليه باسيل ، الحلّ والربط في النزاع الحكومي والذي يستند إليه بدوره أيضاً الرئيس سعد الحريري في تمسّكه بقرار التكليف ورفضه الإعتذار عن هذه المهمة ، بعدما بات تعاونه متعذراً مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وفي الوقت الذي كانت الساحة السياسية منهمكة في فكفكة رموز كلام أبو مصطفى عن استمرار مبادرته، وإصراره على أن اعتذار صديقه اللدود سيؤدي إلى الإنهيار الاقتصادي والأمني، تؤكد أوساط البرتقالي، أن الصهر قال آخر الكلام فيما خصّ التشكيل، مستدركةً بأن “حزب الله”، معنيّ بإيجاد المخرج بعدما ورّط البياضة في مسألة التشكيل، مضيفةً من اليوم وصاعداً أن التيار لن يشارك إلاّ بوزراء معروفي الهوية والهوى، خاتمةً بأن حقوقنا يجب أن تكون مضمونة بحصتنا منفردة لا بالإتكال على الحلفاء بعد كل التجارب في الحكومات السابقة.
بالتأكيد الكلام الذي يصل إلى الحارة بالتواتر،عن لسان نواب في “التيار” يجاهرون به علناً في جلساته العامة، وتلميحاً في إطلالاتهم الاعلامية، عمّا يسمعونه من هجوم وانتقاد قيادات الحزب لرئيس مجلس النواب نبيه بري وفساده، قد صعّب المهمة على السيد حسن نصر الله للعب دور الحكم، نتيجة الإحراج داخل “الثنائي”، وبالتالي السير بطرح رئيس “التيار الوطني الحر”. لذلك، وبحسب المسرّب، عُلم أن الحاج وفيق، إستفسر عمّا يريده الصهر، تاركاً الباب مفتوحاً على الإستماع إلى هواجسه، ناصحاً بالسير بالتهدئة، ملمّحاً إلى أن الحارة تدعم مبادرة عين التينة بكل بنودها، واعداً بالعودة قريباً لاستكمال البحث.
إزاء هذه المعادلة عُلم أن الرئاسة الثانية بدأت التحضير للخطة “باء”، مع إعلان ميرنا الشالوحي خروجها نهائياً من المفاوضات، وتقوم مساعي مشاركتها في التأليف، على قلب التوازنات وإدخال النواب المسيحيين المستقلين كمفاوض في التشكيل، على أن يكون لهم “تمثيلهم” في الحكومة، على غرار ما حصل مع الكتلة السنية المستقلة في حكومة حسان دياب.
خطة يبادر زوار بعبدا إلى التأكيد انها لن تمرّ، كاشفين عن خطوة رئاسية “مركّبة” ستعيد خلط الأوراق، توازياً مع تحرك لتكتل “لبنان القوي” عبر طرح مخرج قانوني لسحب التكليف من الشيخ سعد، وبالتالي فتح كوّة في جدار الأزمة، آملين أن لا يتراجع رئيس مجلس النواب عن التعهدات التي قطعها بضمانة من “حزب الله”، بتمرير عدد من مشاريع الإصلاح في مجلس النواب مقابل تراجع “لبنان القوي” عن الإستقالة من البرلمان.
فهل يقبل باسيل بما يقبله السيد حقيقة؟ وما الذي سيفعله الحزب؟ في تراتبية أولويات التحالف عند الحارة، الوحدة الشيعية بداية، ومن بعدها باقي الحلفاء. ولكن ماذا عن دخول الشيخ سعد على الخط؟ وهل ما زال فعلا “التيار الوطني” يتزعّم قائمة حلفاء الضاحية؟
في كل الأحوال الأسئلة ستبقى على الأرجح بلا أجوبة، رغم أن الأيام المقبلة لا بد أن تحمل مؤشرات يطلقها الحزب وقياداته ومصادره، إلى الخيار الذي ينوي السير به، مع احتمال كبير لان يبقى “رماديا” كي لا يفقد لا حليفه المسيحي، ولا توأمه السياسي الشيعي، ما يعني اعتماده “ثلاثية الصبر الحيادي” المُستوحى من عبقرة “الصبر الإستراتيجي” ، ممسكاً العصا من الوسط، فهولا يصطفّ في خندق صهر العهد ويدعم طروحاته، ولا ينزع عباءته عن شيخ الوسط، ولا يعادي إستيذ عين التينة، فيبقى عندها الشغور سيّد الاستحقاقات إلى أن تحين الساعة.
اللبيب من الإشارة يفهم ،بحسب قاموس “حزب الله” على قاعدة “يلي عند أهلو عا مهلو”… فكيف إذا كان كل أطراف الصراع باتوا من أهل بيت الثنائي… بين حليف وحليف، حليف عا الخطين… بحسب علم الشاطر حسن.