كتبت روزانا بومنصف في “النهار “:
تلهي السلطة اللبنانيين بالبحث عن المحروقات لمولداتهم او لسياراتهم كما تلهيم بالبحث عن الدواء والخبز تماما كما كان يروى عن النظام السوري وسواه من الانظمة الديكتاتورية التي تشغل مواطنيها بالبحث عن الحد الادنى من العيش الكريم ما يحول دون مناقشة المسائل السياسية او اثارة التساؤلات حول سلاح ” حزب الله” مثلا الذي يشكل احد الاسباب الجوهرية لعزلة لبنان عربيا وعلى صعيد سياسته الخارجية غير الموجودة بعد التدمير الذي مورست من خلاله او حول المخالفات الدستورية التي تمنع تأليف الحكومة او انتهاء القضاء بعد تدميره باستعراضات قضائية غير معهودة. كان يروي ذلك اجدادنا لدى التحدث عن سوريا الاقرب جغرافيا الى لبنان والتي لا يستطيع اهلها مناقشة اي امر سياسي فيما يبحث اهلها عن قوتهم اليومي وزاد الامر اكثر بعد استتباب السلطة مجددا لبشار الاسد . وذلك فيما تسري تسريبات عن اصرار رئيس الجمهورية على البحث عن سبل للحل في تجاهل اعلامي ساذج او متعمد ان لا حاجة للبحث عن الظهر في الثانية بعد الظهر وفق المثل الفرنسي في حين ان الحل المطلوب محليا ودوليا الذهاب الى تأليف حكومة توقف الانهيار.
او كذلك لقاءات يعقدها ” حزب الله” بدوره الوفاقي الجديد مع رئيس التيار العوني من اجل تليين موقفه من الحكومة فيما انه كان سلم ” حقوق المسيحيين” للامين العام للحزب لكي يتولى تحصيلها لهذا الفريق او بالنيابة عنه. ليس واضحا ما يدفع اليه البلد والقول بكلمة دفع يصر عليها مطلعون اقتصاديون وسياسيون كانوا يرون كما رأى اعلاميون مع وزراء حاليين في حكومة تصريف الاعمال ان البلد يتجه الى الانهيار التام . كانت الامور جلية تماما منذ بداية العهد الحالي ولكن لم يتم اتخاذ اجراءات تحول دون الوصول الى ما وصل اليه البلد من انهيار بل على العكس تمت ممارسة كل الخطوات غير الانقاذية ويستمر الاسلوب نفسه حتى الان في افتعال ازمات المحروقات والدواء بين تهريب عبر الحدود ” تعجز ” السلطة عن ضبطه او تغض النظر او تلهي الناس بامور اخرى وبين مخطط لرفع الدعم بعد تطيير الاحتياط الالزامي الذي يعود للمودعين لدى المصرف المركزي.
فهذه امور ضرورية وملحة ولكنها ظواهر للازمة التي يجب معالجتها وليست هي الازمة فعلا على رغم ضيق الناس ومآسيهم . فهؤلاء غالبا هم اضرار جانبية في السياسات او المخططات التي ينفذها وحين يطالب الخارج اكانت فرنسا او الاتحاد الاوروبي باصلاحات اقتصادية او مالية فانه فاتها فعلا ان الاصلاح الاول والرئيس كما كتب الرئيس ميشال سليمان قبل ايام هو حصر السلاح بيد الجيش وتحييد لبنان والبقية تتبع. وفيما تغفل هذه الدول الاوروبية هذا الواقع لعجزها عن معالجته او فتح ملف معقد يتطلب ابعد من تأليف حكومة سريعا، فانها تدرك هذا الامر لعجزها عن اعادة اقناع دول الخليج بالانخراط بلبنان، ولو ان هذه الاخيرة قد تساهم عن غير قصد في ترك لبنان في نهاية الامر لايران او لمحورها في ظل التجاهل الحاصل. كما انها تنأى عن وضع المفاوضات مع ايران في عقد تأليف الحكومة على خلفية تأكيد سفرائها او ديلوماسييها من زوار لبنان ان لا علاقة لهذه المفاوضات بما يحصل في الداخل اللبناني من منطلق انها تفاوض هي ايران على الملف النووي ولا تود ان تعطي ايران اوراقا للتفاوض في الشأن اللبناني او ان تخرج الامور عن سياقها المحدد بهذا الملف راهنا من دون سواه ، متجاهلة انها تعفي” حزب الله” من مسؤولية العقد امام الحكومة لا سيما اذا كان الاخير يلعب سياسيا دورا محايدا بعيدا من التورط لاي جهة عملانيا ، مكتفيا بالتعطيل الذي يمارسه حليفه المسيحي المستند بقوة اليه والذي يورطه ايضا في الوقت نفسه.