كتب داني حداد في موقع mtv:
يقول العماد جوزيف عون مراراً في مجالسه الخاصّة “حين تنتهي ولايتي في قيادة الجيش، سأقصد بلدتي العيشيّة في الجنوب لأزرع أرضي وأعتني بها”. في كلام عون هذا زهدٌ بالموقع المارونيّ الأول. ولكن، ليس جوزيف عون أول الزاهدين الذين يبلغون الموقع.
للراحل الذي لا يُعوّض جان عبيد مقولة شهيرة عن الرئاسة التي تحتاج الى ختمٍ إلهي. ينجز المرشّح فرضه، ولكنّ بلوغه الرئاسة مسألة أخرى. كم من مجتهدٍ سعى ولم يظفر بها، وكم من زاهدٍ أتت الرئاسة إليه، من دون جهدٍ أو سعي. من هنا، لا صلة لموقف عون بحظوظه الرئاسيّة. وهذه الحظوظ ترتفع، رويداً رويداً، وهو ما يظهر في علاماتٍ كثيرة، من الاحتفاء به في زياراته الخارجيّة، الى كثافة زيارات الموفدين الدوليّين إليه، الى الحرص الدولي على دعم الجيش والثقة به، في مقابل انعدام ثقة بمؤسسات أخرى وبسياسيّين آخرين، وبرؤساء خصوصاً.
هل يعني ذلك أنّ طريق جوزيف عون معبّدة بين اليرزة وبعبدا؟ طبعاً لا. هناك عراقيل كثيرة. موقف حزب الله. فيتو جبران باسيل. طموح سليمان فرنجيّة. التعديل الدستوري، وإن تمّ تجاوزه عند انتخاب الرئيس ميشال سليمان… وإن انتُخب عون سيكون قائد الجيش الثالث بعد الطائف الذي ينتقل مباشرةً من العمادة الى الفخامة، وهو سيحتاج، مثل سلفَيه، الى قرارٍ خارجي يستفيد من ظروفٍ داخليّة.
ولعلّ ما يعزّز من فرص عون هو حال الانهيار التي يعيشها لبنان والتي تصيب المؤسسات وتنعكس على الأمن، الهاجس الأكبر لدى أيّ مسؤولٍ عسكريّ أو أمنيّ تلتقي به في هذه الأيّام. وتعزّز هذه العوامل الحاجة الى رجلٍ خارجٍ من المؤسسات، يملك الهيبة ونظافة الكفّ والثقة الخارجيّة، وإن افتقد الى “حرفنة” السياسة التي لا يجيدها ولا يحبّذها.
نشأت، في العامين الأخيرين، مجموعة غير منظّمة تؤمن بضرورة وصول جوزيف عون الى قصر بعبدا. معظم من في هذه المجموعة خرجوا من تجربة خائبة في محيط قائد جيشٍ سابق ورئيسٍ حاليّ. يبحث هؤلاء عن بديل. عن عونٍ آخر. قد يتحقّق ما يحلمون به وما يعملون له. وربما لا يأتي الختم الإلهي، فيمضي جوزيف عون الى العيشيّة ليزرع أرضه…