من الطبيعي جدًّا في بلدٍ كلبنان، حيث أن المواطن أصبح عاجزًا عن تأمين أبسط حاجاته اليومية من طعام وماء ودواء وحيث أن نسبة الفقر وصلت إلى 55% والمواطنين الذين يرقدون تحت خط الفقر وصلت نسبتهم إلى 25%، أن يزداد التفلت الاجتماعي من سرقاتٍ ومشكلات ويصبح المواطن مهددًّا بحياته ولا يعلم متى “يأكل نصيبه” في ظل الجرائم العديدة التي تحصل والسرقات اليومية التي لا توفر أحدًا.
فوفق أرقام “الدولية للمعلومات”، ارتفعت نسبة سرقة السيارات وجرائم السرقة، إلا أن المفارقة جاءت بأرقام جرائم القتل ومعدلات الانتحار.
بالنسبة لسرقة السيارات، في الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام مقارنة بالعام الماضي زادت نسبة سرقة السيارات 51% إذ بلغت في العام الماضي بين كانون الثاني ونيسان 230 سرقة سيارة في حين وصل العدد هذا العام إلى 347 سيارة، أما في شهر نيسان وحده فزاد عدد سرقات السيارات من 38 إلى 138 سيارة أي ما نسبته 263%.
وفي ما يتعلق بالسرقات عمومًا فقد زادت من 704 إلى 2006 حالة سرقة بين السنة الماضية وهذه السنة خلال فترتي كانون الثاني ونيسان أي ما نسبته 185%، بينما سجل شهر نيسان وحده نسبة ارتفاع 268% مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، في حين أفادت أرقام قوى الأمن الداخلي إلى أن السرقات وصلت إلى 2553 حتى شهر أيار.
أما بالنسبة لجرائم القتل، فتظهر أرقام “الدولية للمعلومات” عن تراجع نسبته 16.2% مقارنة مع العام الماضي في الأشهر الأربعة الأولى حيث بلغ عدد الجرائم 68 جريمة قتل بين كانون الثاني ونيسان من عام 2020 بينما بلغ هذا العام من الفترة نفسها 57 حالة، في حين وصل إلى 64 جريمة حتى أيار وفق قوى الأمن الداخلي.
ومروراً بحالات الانتحار، نجد أيضًا أن الأرقام الرسمية تشير إلى انخفاض بين العام الماضي والحالي ما نسبته 16.8% بين فترتي كانون الثاني ونيسان، فلماذا هذا الانخفاض في جرائم القتل والانتحار بينما نجد تزايدًا كبيرًا في السرقات؟
الأخصائية في الصحة النفسية الدكتورة غادة هواري أشارت لـ”لبنان 24″ إلى أن “الوضع الراهن يفتح بابًا كبيرًا لتزايد السرقات، فهناك العديد من العوامل المساعدة وأهم عامل هو الفلتان الأمني حيث يجد السارق الوضع متاحاً للسرقة خصوصًا إذا كان ضمن مجموعة ويشعر أكثر بالأمان وتخف عنده عقدة الذنب”، لافتةً في الوقت نفسه إلى أن “النسبة الأكبر من المساجين المتهمين بالسرقة بالأخص في البقاع هم ليسوا من الجنسية اللبنانية”.
أما في ما يتعلق بالانتحار فلفتت هواري إلى أنه في حال كانت الأرقام دقيقة “فإن السبب الأساسي لانخفاض حالات الانتحار وفق الدراسات هو أن الجمعيات أخدت تعمل أكثر في مجال الدعم النفسي في ظل كورونا”، بالرغم، وفق رأيها، من أن “الأسباب التي تؤدي إلى زيادة نسبة الانتحار هي أكثر بكثير من الأسباب التي تجعلها تنخفض خصوصًا تزامنًا مع العنف الأسري في ظل الجلوس طويلًا في المنزل والضغوطات المعيشية وتعرض الأطفال للتنمر”، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أن البعض خصوصًا في البلدات “المغلقة” يعمد إلى التغطية على حالات الانتحار ولا يبلغ عنها للجهات الرسمية.
وأكدت هواري أن “محاولات الانتحار تتزايد خصوصًا بين المراهقين الذين يلجأون عادةً للتشطيب فبسبب الحجر المنزلي أصبحوا ينعزلون في غرفهم إضافةً إلى مشكلات الأهل بسبب سوء الأحوال المعيشية والتوتر الذي يتأثرون سلبًا جراءه عدا عن اعتماد المراهقين على وسائل التواصل الاجتماعي التي تزيد في بعض الأحيان الوضع سوءأً، إذ إن هناك مواقع تعلمهم “التشطيب” وأذية أنفسهم في حين يعتقدون هم أنهم بهذه العملية يتخلصون من ألمهم”.
وبالنسبة إلى أرقام جرائم القتل، فأكدت هواري أن “انخفاض نسبة جرائم القتل قد لا يكون منطقيًّا خصوصًا وأن “الفلتان الأمني هو حافز للجريمة والسرقة ولا يوجد أي دراسة في العالم تقول أن الجريمة تنخفض في ظل الفلتان الأمني والأوضاع المعيشية السيئة والتي يعيشها لبنان حاليًّا”.
تجدر الإشارة إلى أنه وفق “الدولية للمعلومات” “فاستناداً إلى بيانات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، ارتفعت نسبة جرائم القتل بنسبة 45.5 بالمئة في أول شهرين من هذا العام، ووصل عدد القتلى إلى 32 قتيلاً مقارنة بـ22 قتيلاً في الفترة ذاتها من عام 2020″، في إشارة إلى أن ربما المشهد قد يكون غير مكتمل بعد ويحتاج للمزيد من الوقت لتبيان الصورة الحقيقية خصوصًا في ظل استمرار الوضع سوءًا في جوانبه كافة.
لبنان 24