بعد أن شارفت أموال الدعم على الإنتهاء، وربما بعد أن انتهت أموال الدعم، بدأ البحث عن حلول في مسألة استيراد المحروقات إلى لبنان، فالأزمة التي نعيشها اليوم مرجّحة نحو الإستمرار، لا بل أن تصبح أشد وطأة على شعب لم يعد يملك ما يقدّمه في سبيل تأمين مستلزمات الحياة له، وطبعاً كل ذلك على وقع استمرار التهريب الى سوريا دون حسيب أو رقيب.
تُشير مصادر مواكبة الى وجود قطبة مخفية في ملف البنزين تجعل فكرة “المؤامرة” منطقية للغاية، ففي الأيام القليلة الماضية تقول الشركات المستوردة للنفط أنها وزعت يومياً ما بين 10 الى 12 مليون ليتر من البنزين، وهو ما يكفي حاجة السوق اللبناني بشكل كامل، كون الإستهلاك اليومي من البنزين يصل الى 10 مليون ليتر بحسب الشركات، وإلى 6 مليون ليتر بحسب أصحاب المحطات، ورغم ذلك لا تزال طوابير الذل منتشرة في كل المحطات العاملة في لبنان، إلى جانب استمرار إقفال كثير من المحطات بسبب عدم وصول البنزين إليها.
علامة استفهام كبيرة تُطرح هنا حول مصير البنزين الموزع، لأنه بحال صدقت الشركات المستوردة، فإن البنزين الموزّع يومياً لا يصل الى المواطنين، وبالتالي يختفي على الطريق بين الموزعين وأصحاب المحطات. وهنا تكشف المصادر أن وزارة الطاقة باتت على قناعة تامة بأن أصحاب المحطات يخزنون جزءاً من المادة التي تصلهم يومياً، بانتظار عملية رفع الدعم وارتفاع سعر الصفيحة وتحقيق أرباح خيالية، وأن جزءاً من البنزين يتم تهريبه بانتظام إلى سوريا.
مع بداية شهر تموز، لن يكون سعر الصفيحة على حاله، هذا بحال توافرت المادة، إذ تكشف المصادر أن سعر الصفيحة سيرتفع إلى حدود الـ 60 ألف ليرة بحال تم اعتماد اقتراح حاكم المصرف المركزي رياض سلامة باعتماد تسعيرة 3900 ليرة للدولار في مسألة فتح الإعتمادات، أو سيرتفع إلى حدود 12 – 13 دولارا للصفيحة الواحدة على أساس سعر السوق السوداء، أو على أساس سعر صرف المنصة، مشيرة إلى أن هذا الامر قد يقلص نسب التهريب ولكنه سيطلق العنان لشارع مجنون وفوضوي.
في التهريب لا تزال الأمور على حالها، رغم محاولة بعض القضاة، كقاضي التحقيق في الشمال سمرندا نصار سبر أغوار هذا الملف، إذ تشير المصادر الى أن نصار التي تتابع ملف التهريب في الشمال توصّلت الى تورّط 10 محطات شمالية ببيع 1000 ليتر يومياً لكل منها الى المهربين، مع الإشارة إلى أن القاضية قررت منع تسليم المحروقات لهذه المحطات كخطوة أولى، سيتبعها خطوات لاحقة أشد قساوة.
32 موقوفاً في ملف التهريب بالشمال حتى اليوم، ولكن بحسب المصادر فإن الموقوفين ليسوا “كبار القوم” ولا المسؤولين الاساسيين عن التهريب، رغم أن الاجهزة الامنية تعلم أسماء هؤلاء، ومنهم ح. ج النشيط جداً على مسار التهريب، مشيرة إلى أن كل التقديرات تُشير لخسارة لبنان ما لا يقل عن ثلث أموال الدعم في كل المجالات بسبب التهريب الى الخارج، بدءاً من المحروقات مروراً بالعلف والادوية، وصولا إلى المواد الغذائية.
يعوّل المسؤولون اللبنانيون على الخارج لمنع انزلاق الامور إلى نقطة اللاعودة، وبالتالي هم يمارسون كغيرهم دور المتفرج على الأزمات، فإن كان العراق قد حمى لبنان من العتمة الشاملة، فمن سيحمي لبنان من انفجار ملف البنزين والمازوت بوجه اللبنانيين والسلطة على حد سواء؟
المصدر : الديار – محمد علوش