كتب علي زين الدين في “الشرق الاوسط”:
حضّ مصرف لبنان «المركزي» مجدداً الحكومة، أمس، على «إقرار خطة لترشيد الدعم»، في ظل تدني إجمالي احتياطيات العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان المركزي دون عتبة 16 مليار دولار، لتصل إلى نحو 15.8 مليار دولار منتصف الشهر الحالي، بينما تستمر طلبات تغطية المستوردات من السلع الاستراتيجية والأساسية على وتيرتها المرتفعة، في ظل ازدحام داخلي خانق على طلب الدواء والمستلزمات الطبية ومادتي البنزين والمازوت، بموازاة محاولات متفاوتة النجاح من قبل السلطات الأمنية لكبح الاحتكار ومكافحة التهريب عبر الحدود البرية إلى سوريا.
وكشفت أحدث البيانات، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، أن معدل الصرف من الاحتياطي يحافظ على مستوياته المرتفعة البالغة نحو 500 مليون دولار شهرياً، حيث تم صرف نحو 260 مليون دولار في النصف الأول من الشهر الحالي، معظمها جرى تحويله لتغطية فوارق السلع المدعومة، فضلاً عن تغطية أكلاف بواخر مادة الفيول المخصصة لمعامل الكهرباء، بعدما اشترط «المركزي» الحصول على موافقة مسبقة تأمنت له عبر مرسوم سلفة مالية للمؤسسة وقعه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
وتشي عمليات الدعم من دون إقرار ضوابط لتقليصها تدريجياً وإقرار البطاقات التمويلية لنحو 80 في المائة من الأسر اللبنانية، ولا سيما في مجال المحروقات التي تستهلك وحدها أكثر من نصف مبالغ الدعم، بأن مبالغ الدعم مرشحة لبلوغ سقف 6 مليارات دولار هذا العام، علماً بأن المبالغ غير متوفرة كما العام الماضي، بسبب احتساب نحو 14 مليار دولار من الإجمالي كاحتياطيات إلزامية تمثل نسبة 14 في المائة من الودائع المحررة بالدولار في الجهاز المصرفي، ما يبقي بحوزته أقل من ملياري دولار كاحتياطي حر، في حال إضافة فارق الواحد في المائة من تنزيل نسبة الاحتياطي الإلزامي. وكان الاحتياطي في مطلع العام يقارب 19 مليار دولار. ودعا مصرف لبنان المركزي مجدداً الحكومة، أمس، إلى «إقرار خطة لترشيد الدعم، ما يؤدي إلى حماية العائلات الأكثر حاجة ويضع حداً للتهريب المتمادي على حساب اللبنانيين»، مشدداً «على أنه لن يستعمل التوظيفات الإلزامية، وعلى أن الدفعات التي يقوم بها حالياً هي من ضمن الفائض عن التوظيفات الإلزامية».
وأوضح، في بيان له، أنه على صعيد القطاع الطبي، أبلغت وزارة الصحة مصرف لبنان بالملفات ذات الأولوية بالنسبة إلى المستلزمات الطبية، وتم تسديد المطلوب إلى المصارف، والمعاملات قائمة لتسديد ما تبقى. أما على صعيد الأدوية، فما زال مصرف لبنان ينتظر الأولويات التي ستحددها وزارة الصحة لتبليغها للمصارف، علما بأن تعاطي مصرف لبنان يقضي ببيع الدولارات على السعر الرسمي إلى المصارف، ولا علاقة له مباشرة بالمستوردين.
أما على صعيد البنزين، فقد تم دفع ما يقتضي إلى المصارف لتلبية الاعتمادات، والكميات الموجودة حالياً كافية، مشيراً إلى أن «المسألة موضوع متابعة بين وزارة الطاقة ومصرف لبنان ولجنة الأشغال في مجلس النواب لوضع خطة ترشيدية تؤمن الاستمرارية». وبذلك فإن الفائض الموجود حالياً هو فائض مريح للبلد، مع العلم بأن شركة «ميدكو» قامت بما يقتضي وبتسوية أوضاعها وبتغذية السوق من دون انقطاع.
كذلك أصدر مصرف لبنان موافقة مسبقة بعد أن تسلم طلب موافقة وزارة الاقتصاد على استيراد القمح إلى لبنان.