إلى المودِعين: إحذروا سحب كامل ودائعكم

قد يكون قرار مصرف لبنان المرتبط بإلزام المصارف سداد 400 دولار أميركي (Fresh dollars) و400 دولار بالليرة اللبنانية، وفق سعر صرف منصة صيرفة، أي 12000 ليرة، المنفذ والمتنفس الوحيد لمئات الآلاف من العائلات، التي تفتقد للقدرة على مواجهة شبح العوز، بعد تدنّي مداخيلها بشكل خطير، توازياً مع الانهيار الدراماتيكي لليرة اللبنانية.

وبصرف النظر عن العقبات والعوائق، التي قد تترافق ومبادرة مصرف لبنان لسداد جزء من الودائع الدولارية المُحتجزة لدى المصارف، ففي حال صدقت النوايا، واستحصل أصحاب الودائع الصغرى الذين تقل ودائعهم عن 50000 دولار، أو ما يُعرف بـ”صغار المودعين”، على بعض مدخراتهم، هل ستُبقي المصارف على ارتباطها بهذه الشريحة الواسعة من العملاء؟ بالطبع لا. وفي حال خرج صغار المودعين من النظام المصرفي ككل، ما هي التداعيات؟

400 دولار و400 لولار

يقضي قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان بإلزام المصارف سداد 400 دولار نقدية شهرياً، إضافة الى ما يوازيها بالليرة اللبنانية أي 400 دولار وفق سعر الصرف المعتمد في منصة صيرفة (حالياً 12000 ليرة للدولار)، للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الأول من سنة 2019، وكما أصبحت هذه الحسابات في آذار 2021. ولفت المركزي في صلب قراره المذكور إلى أن سداد 400 دولار شهرياً بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف منصة صيرفة، من شأنه أن يرفع حجم الكتلة النقدية بما يتراوح بين 26 و27 تريليون ليرة لبنانية سنوياً. وهو ما يحذّر منه خبراء لمخاطره الكبيرة على مستوى التضخم وارتفاع الأسعار. خصوصاً أن توقعات المركزي ترجّح احتمال زيادة التضخم بين 26 و27 تريليون ليرة خلال عام واحد، فيما لو اتجه مجمل المودعين بالدولار إلى السحب من ودائعهم. وهذا يُعد مستوى مخيفاً من التضخم، قد لا يحتمل لبنان وقوعه، لما سينتج عنه من غلاء بالأسعار وزيادة في معدلات الفقر.

800 ألف حساب

بعد المباشرة بتطبيق قرار مصرف لبنان بعام واحد فقط، ستكون المصارف قد سدّدت أرصدة حسابات نحو 800 ألف عميل مصرفي كاملة. أي ما يقارب 70 في المئة من عدد حسابات المودعين. هذا ما أكد مصرف لبنان في بيانه. والمقصود بسداد أرصدة الحساب “تجفيف الحساب من الدولارات العالقة”. وتالياً، ستعمد المصارف إلى إقفال تلك الحسابات التي تم سداد أرصدتها. وهو ما يؤكده مصدر مصرفي، في حديث إلى “المدن”.

فالمصارف تسعى منذ ما قبل قرار مصرف لبنان الأخير، إلى التخلّص من الحسابات الدولارية لصغار المودعين، لتخفيف الضغوط عليها، كون الشريحة الأكبر من صغار المودعين هم من الطبقة الوسطى أي الطبقة الأكثر إرهاقاً منذ بداية الأزمة.

إقفال حسابات

حاولت المصارف وتحاول بشتى الطرق التخلص من صغار المودعين، خصوصاً الذين لجأوا إلى القضاء للاستحصال على ودائعهم. نجحت في بعض محاولاتها، في حين فشلت في الكثير منها، بشهادة أكثر من محام من رابطة المودعين. لكن اليوم الوضع مختلف. فقرار مصرف لبنان أتاح للمودعين البدء بسحب 400 دولار فريش و400 دولار بالليرة وفق سعر صرف منصة “صيرفة” ابتداء من آخر الشهر الحالي. ومن المتوقع أن تشهد المصارف إقبالاً كثيفاً من المودعين، لاسيما أصحاب الودائع الصغيرة، سعياً لسحب ما يحق لهم شهرياً، إلى حين الإستحصال على كامل ودائعهم. ونظراً لتوقعات مصرف لبنان، فقد يصل عدد المودعين الذين سيحصلون على كامل ودائعهم إلى 800 ألف مودع. هؤلاء تحديداً عليهم أن يحذروا من مخاطر الأمر.

فمن غير الممكن أن يضيّع مودع فرصته بالحصول على دولاراته التي احتجزتها المصارف طيلة العام ونصف العام. لكن على صغار المودعين أن يحذروا من تجفيف حساباتهم تجنّباً لإغلاقها من قبل المصارف.

تداعيات الخروج من النظام المصرفي

ووفق الخبير المتخصّص بقانون المصارف، خالد شاهين، فإن خروج هذا العدد الكبير من القطاع المصرفي لا يُلحق الأذى بالمودع وحسب، بل بالمصرف أيضاً. فالخروج هذا في ظل توقف المصارف في المرحلة الراهنة عن فتح حسابات جديدة، يلحق الضرر بعملاء المصارف. ويرى شاهين في حديثه إلى “المدن”، أن المودع وإن كان على المدى القصير يعتبر أن لا حاجة لديه للمصرف، خصوصاً بعد سحب أمواله وصرفها أو إدخارها في منزله، لكن على المدى الأطول لا يمكنه ان يستغني عن المصرف. ففي نهاية المطاف، سيخرج البلد من أزمته وستعيد المصارف انطلاقتها، وستعود الناس إلى التوطين والتوظيف والاقتراض وتأسيس أعمال، وغير ذلك.. وهذه علاقة لا تُبنى مع عملاء جدد.

ويلفت شاهين إلى أن مخاطر إغلاق حسابات مودعين لا تقتصر على العملاء فقط، بل على المصارف أيضاً. وعندما يقول مصرف لبنان في بيانه أن 70 في المئة من المودعين سيخرج، هذا الأمر يعني أن القطاع المصرفي يقوم بتقليص حجم أعماله التجارية الداخلية المحلية بنسبة 70 في المئة، والتي تقوم على أعماله مع الناس وأعمال التجزئ.ة وهذا ما سيؤدي إلى خفض عمل المصارف بين 40 و50 في المئة. وبالتالي، سينتج عنه تصغير القطاع المصرفي بحد ذاته بنحو 30 في المئة، سواء كان عن طريق الاستغناء عن السوق اللبناني، أو من خلال تقليص عدد العاملين في القطاع المصرفي.

فرز إجتماعي طبقي

مخاطر جديدة ستنتجها عملية إغلاق حسابات صغار المودعين، فيما لو تمت عملية سداد الودائع الدولارية، تتمثّل بإجراء فرز طبقي اجتماعي بشكل غير مباشر. وهذا ما تصفه المحامية من رابطة المودعين، دينا أبو زور، في حديثها إلى “المدن”، بالأمر الخطر. فإغلاق الحسابات لصغار المودعين ستُخرجهم من النظام المصرفي بخلاف أصحاب الودائع الأكبر حجماً. أضف إلى أزمات عديدة ستنتج عن عملية إغلاق حسابات، تقول أبو زور، ومنها ما يرتبط بالشركات المحلية وغير المحلية، التي سيصعب عليها التعامل مع كافة الشرائح الاجتماعية. وليس بالأمر الطبيعي العودة للتعامل بالكاش، خصوصاً أننا نتحدث عن مئات الآلاف من الحسابات المعرّضة للإغلاق.

ومن مخاطر إغلاق حساب المودع أيضاً، عجز الأخير عن التصرف بشيك مستقبلاً، أو التعامل المالي غير النقدي. ولمسألة الشيكات مخاطرها. فاليوم يمكن لأي عميل مصرفي أن يضع شيكاً في حسابه وصرفه في وقت لاحق، بغض النظر عن العملة التي سيُصرف بها. لكن في حال إغلاق حسابه المقوم بالدولار، فسيضطر إلى بيع أي شيك محرّر باسمه في السوق السوداء، وبنسبة خسارة لا تقل عن 75 في المئة إلى 80 في المئة من قيمته. وهو ما يُريح المصارف التي يعمل عدد كبير منها على شراء شيكات من تجار السوق السوداء، لشطبها وإطفاء جزء من خسائرها


عن Mohamad Jamous

شاهد أيضاً

أسعار المحروقات في لبنان، سعر البنزين اليوم في لبنان، سعر الديزل اليوم في لبنان، سعر الغاز اليوم في لبنان، سعر النفط في لبنان، أسعار الوقود في لبنان، التحديث اليومي لأسعار المحروقات في لبنان، سعر الوقود في لبنان اليوم، سعر البنزين في السوق السوداء في لبنان، سعر المحروقات في لبنان لحظة بلحظة، سعر لتر البنزين في لبنان، سعر لتر الديزل في لبنان، توقعات أسعار الوقود في لبنان، تحليل أسعار المحروقات في لبنان، سعر الغاز المسال في لبنان، سعر الكيروسين في لبنان، استقرار أسعار المحروقات في لبنان، أثر ارتفاع أسعار المحروقات في لبنان، تقلبات أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في محطات البنزين في لبنان، أسعار المحروقات في السوق اللبنانية، شراء الوقود في لبنان، تأثير أسعار الوقود على الحياة اليومية في لبنان، أخبار أسعار المحروقات في لبنان، أسعار الوقود في السوق اللبنانية اليوم، fuel prices in Lebanon، gasoline price today in Lebanon، diesel price today in Lebanon، gas price today in Lebanon، oil price in Lebanon، fuel cost in Lebanon، daily fuel price update in Lebanon، Lebanon fuel prices today، gasoline price in black market Lebanon، real-time fuel prices in Lebanon، price of gasoline per liter in Lebanon، price of diesel per liter in Lebanon، fuel price forecasts in Lebanon، fuel price analysis in Lebanon، LPG price in Lebanon، kerosene price in Lebanon، fuel price stability in Lebanon، impact of rising fuel prices in Lebanon، fuel price fluctuations in Lebanon، fuel prices at gas stations in Lebanon، fuel prices in the Lebanese market، buying fuel in Lebanon، impact of fuel prices on daily life in Lebanon، fuel price news in Lebanon، Lebanon fuel market prices today،أسعار المحروقات اليوم في لبنان, Fuel prices in Lebanon, سعر البنزين في لبنان, Gasoline price in Lebanon, سعر المازوت في لبنان, Diesel price in Lebanon, جدول أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel price update, سعر الغاز في لبنان, Gas price today in Lebanon, محطات الوقود في لبنان, Gas stations in Lebanon, توقعات أسعار المحروقات في لبنان, Lebanon fuel crisis, تأثير سعر الدولار على المحروقات في لبنان, Impact of dollar on fuel prices in Lebanon, أزمة الوقود في لبنان, Lebanon energy crisis, كلفة النقل في لبنان بسبب ارتفاع المحروقات, Rising fuel costs in Lebanon, كيفية توفير الوقود في لبنان, Saving fuel in Lebanon, السوق السوداء للمحروقات في لبنان, Lebanon black market fuel, استيراد المحروقات في لبنان, Fuel import in Lebanon, دعم الحكومة لأسعار المحروقات في لبنان, Fuel subsidies in Lebanon, ارتفاع أسعار الطاقة في لبنان, Oil price Lebanon, تأثير أزمة الطاقة على الاقتصاد اللبناني, Impact of energy crisis on Lebanese economy, كيفية ترشيد استهلاك المحروقات في لبنان, How to save fuel in Lebanon, أسعار الطاقة الشمسية في لبنان, Solar energy prices in Lebanon, محطات تعبئة الغاز في لبنان, Gas filling stations in Lebanon, توزيع المحروقات في لبنان, Fuel distribution in Lebanon, مواعيد صدور جدول أسعار المحروقات في لبنان, Fuel price schedule release dates in Lebanon, تأثير أزمة المحروقات على النقل العام في لبنان, Impact of fuel crisis on public transport in Lebanon, أسعار الوقود في بيروت, Fuel prices in Beirut, أزمة الكهرباء في لبنان, Electricity crisis in Lebanon, تأثير ارتفاع أسعار المحروقات على حياة اللبنانيين, Impact of rising fuel prices on Lebanese citizens, شحن الوقود إلى لبنان, Fuel shipment to Lebanon, استهلاك البنزين في لبنان, Gasoline consumption in Lebanon, مصادر استيراد المحروقات في لبنان, Sources of fuel imports in Lebanon, تسعير المحروقات في لبنان, Fuel pricing in Lebanon, أسعار الوقود المدعوم في لبنان, Subsidized fuel prices in Lebanon, خطة الحكومة لدعم المحروقات في لبنان, Government plan for fuel subsidies in Lebanon, طوابير المحطات في لبنان, Gas station queues in Lebanon, نفاد الوقود في لبنان, Fuel shortages in Lebanon, الاعتماد على المولدات في لبنان بسبب نقص المحروقات, Dependence on generators in Lebanon due to fuel shortages

إرتفاع بتحديث أسعار المحروقات اليوم ↑

أسعار المحروقات في لبنان اليوم أو اضغط هنا لرؤية التسعيرة المستجدة للمحروقات لحظة بلحظة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *