كتب كبريال مراد في موقع mtv:
بدّلت الأشهر الأخيرة كثيراً من أحوال الناس. “شقلبت” اهتماماتهم وأعادت ترتيب اولوياتهم. إرتفعت أصناف عن الموائد، وافتقدت المنازل لمواد كانت الحاضر الدائم في الخزائن والبرادات والثلاجات. وبما أن غريزة البقاء والاستمرار هي الأساس… يتعامل كثيرون “بالتي هي أحسن” الى أن “يفرجها الله”.
فالأسعار في ازدياد مستمر، والقيمة الشرائية للرواتب في تراجع متواصل. ومن يأكل خبزه بعرق جبينه، بات يشعر بأن العين بصيرة واليد قصيرة، على غرار موظّف الدولة في حيّنا، الذي كان يبتاع من لحام الحي شهرياً ما لذ وطاب من اللحوم، فبات مضطراً للإعتذار من صاحب الملحمة، لاستبدال الكيلو بالوقية… “حتى ما نضطر نقطع اللحمة عن الأولاد… وانت عارف البير وغطاه… ما عم فينا نكفي الشهر”.
راتب الموظف 3 مليون و500 الف ليرة، كان يسمح له في السابق بأن يقول “مستورة والحمد لله”. لكن سيف الأقساط والفواتير والقروض بات مسلطاً على رقبته، وكيلو اللحمة تجاوز الـ 120 الف ليرة، والوقية باتت بـ 24 الف ليرة، والتقنين بات ضرورياً ليتمكن من أن يدخر الباقي لما تبقى من قسط السنة المدرسية الحالية، والتحضير للتسجيل والقسط الأول للسنة المقبلة.
هو مثال عن أمثلة كثيرة. وللحام الحيّ قصص وروايات عما فعلته الأزمة بكثيرين، وهو منهم مع تراجع مبيعه. ولدكان الحيّ خبريات أخرى، عمن بات يشتري نص وقية جبنة وبيضتين، ووقية خيار ورأسي بندورة. وهي مشاهد لم يعهدها البائع سابقاً الاّ من العمال الأجانب الذين كانوا يقصدون متجره.
باختصار، “مش ماشي حال” الكثير من اللبنانيين. وكم من لبنانيّ يذلّ نفسه سراً حتى لا يذلّ اولاده، ويبقى “كبير بعينن”، وهدفه ألا يحرمهم شيئاً، لاسيما التعليم الذي سيكون “باسبورهم” ربما بعد سنوات الى الهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل.