“بدأت المشاهد القديمة تعود شيئا فشيئا إلى المجتمع اللبناني بعد أن فقد المواد الأولية.
وقد أعاد مشهد بائع الكاز أو (الجاز) على صهريجه الصغير يجره الحصان مع منبهه الهوائي، اللبنانيين إلى سنوات خلت، حيث يجوب البائع أحياء العاصمة بيروت بين السيارات صباحاً ليبيع مادة الكاز للمنازل.
وكان الكاز يستخدم للطهي بواسطة “البابور” أو الإنارة بقنديل مخصص له في الشوارع خلال فترة الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي، بعد فقدان اللبنانيين للكهرباء وغاز التدفئة والطبخ والإنارة في الليالي الحالكة السواد.
فما إن يصل بائع الكاز إلى مدخل الحي حينها، حتى كان زبائنه يجهزون ما تيسر من أوعية للشراء يحملون بها مادة الكاز إلى منازلهم.
ووسط الظروف الاقتصادية الضاغطة، عاد بائع الكاز مجددا ليجوب الأحياء على حصانه ومع منبهه الهوائي الشهير مناديا على الزبائن الذين صاروا حتى حينه قلة، إلا أن عددهم مرشح للزيادة إذا ما زاد تقنين المحروقات والكهرباء وتبعهما الغاز المنزلي. فقد تعود ربات البيوت إلى الطبخ على “بابور” الكاز، وربما يعدن إلى طهي الطعام على الحطب في حال توفره، كما كانت تفعل أمهاتهن وجداتهن.
جميل الخمسيني الممتلئ الجسم يستيقظ صباح كل يوم، يطعم حصانه “وجبة صباحية” مختصرة مما تيسر من بقايا خضار يحضرها من سوق الخضار القريب، ثم يربطه إلى صهريجه الصغير الذي ورثه عن والده لينتقل وسط أحياء العاصمة بيروت مناديا على بضاعة كان النسيان قد طواها أو كاد.
وفي حديث لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، قال جميل: “زبائن مادة الكاز صاروا قلة، لكنهم كثر في فصل الشتاء لأن بعض المدافئ القديمة لا زالت تعمل عليها”.
وأضاف:” ويعتبر سريع الاشتعال ونظيف وشبه معدوم رائحة الاحتراق بعكس مادة الديزل (المازوت)”.
عن المردود، أوضح جميل وهو يجول على “الطنبر” (العربة) مع حصانه النشيط: “صار المردود المادي قليلا، يكاد لا يكفي مصروف أسرتي وتأمين العلف للحصان، لكنني اعتدت منذ سنين عديدة على هذه المهنة ولا أعرف مهنة سواها، أجول صباحاً على بعض الزبائن الذين يشترون مني، وإذا لم يشتر أحدهم فهذا لا يهم، المهم ان أقوم بهذه الجولة يوميا”.
وختم: “هذه المهنة كانت تساعد صاحبها قديماً على كسب رزقه بسهولة وكان عدد الزبائن كبيرا”، متوقعا الإقبال عليها في ظل استفحال الأزمة مجددا وانقطاع التيار الكهربائي والغاز المنزلي.
المصدر: إكرام صعب – سكاي نيوز عربية