لا يمكن توصيف المبادرة التي أطلقها مصرف لبنان سوى انها وسيلة من وسائل ضبط رأس المال (كابيتال كونترول) عبر وضع سقف للسحوبات النقدية بالدولار لحوالى 800 الف مودع، والسماح لهم بسحب 400 دولار شهرياً وصولاً الى سقف الـ25 الف دولار خلال مدّة 5 سنوات يتم بعد ذلك الاستغناء عنهم وإقفال حساباتهم المصرفية، علماً انّ 70 في المئة من الحسابات سيتم إقفالها في العام الاول كون قيمتها الفردية لا تتعدى 5 الى 10 آلاف دولار.
وعلمت «الجمهورية» انّ هذا القرار سيشمل كل الحسابات بالعملة الأجنبية المصرفية من جارية او مجمّدة او توطين رواتب… وفقاً للرصيد المتبقّي في 31 آذار الماضي. وبما أنّ المصارف كانت ملزمة تكوين سيولة نقدية في الخارج، فإنّ مصرف لبنان يُلزمها اليوم تسديد تلك الاموال للمودعين، على ان تتم إحالة المصارف التي لم تتمكن من تكوين تلك السيولة والتي ستتعثر اليوم في تطبيق قرار المركزي، الى الهيئة المصرفية العليا، اي بمعنى آخر سيتم اعلان إفلاس تلك المصارف او السعي لدمجها مع مصرف آخر لأنّ مصرف لبنان غير قادر على تحمّل كلفة تملّكها.
ونتيجة لهذا السيناريو، يكون البنك المركزي قد وضع المصارف امام اختبار إمّا الافلاس او تأمين السيولة النقدية المطلوبة لتطبيق قراره، ما استدعى عقد اجتماع استثنائي لمجلس ادارة جميعة المصارف فور اعلان مصرف لبنان عن قراره، للبحث في إمكانية الطلب من مصرف لبنان ان يأخذ على عاتقه عملية تمويل هذه المبادرة في العامين الاولين، وليس في العام الثاني فقط كما ينصّ عليه قرار البنك المركزي، مع الاشارة الى انّ كلفة التمويل السنوية تتراوح بين 1 و1.2 مليار دولار على المصارف تأمينها في العام الاول من السيولة التي كوّنتها في الخارج وفي العام الثاني من الاموال التي سيعيدها مصرف لبنان الى المصارف نتيجة تخفيض التوظيفات الالزامية بالعملات الاجنبية من 15% الى 14% والمقدّرة بحوالى 1,5 مليار دولار.