بعد سقوط عنوان حكومة “المهمة” للإنقاذ، بفعل مسلسل التعطيل المتواصل منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بـتأليف الحكومة الجديدة، بدأ الحديث يتردّد في الكواليس السياسية عن حكومة إنتخابات، كخيار قائم فيما لو فشلت المحاولة الأخيرة التي يقوم بها “الثنائي الشيعي” من أجل إقناع “الرافضين” للحريري، بالموافقة على تشكيل حكومة تعمل على فرملة الإرتطام الذي بات حتمياً.
تفيد المعلومات التي تُنقل من أوساط عين التينة، أن أكثر من خطوة قد تحقّقت على صعيد حلحلة العِقَد الحكومية، وأن مسألة الثلث المعطّل سُحبت من التداول، ولا داعي للقلق بشأنها، ولكن العقدة الأساسية التي يقف وراءها هؤلاء “الرافضين”، والتي لا يمكن القول أنها حُسمت، هي عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين، والطرف الذي سيتولى حقيبة الداخلية وهل يكون من فريق العهد أو من فريق الحريري، ذلك أن البلاد على أبواب الإنتخابات النيابية، ولهذه الغاية، فإن الصراع محتدم حول هذه المسالة.
ومع انطلاق البحث الجدّي مساء أمس، كما تشير المعلومات، بعدما فتح لقاء بري – الحريري، الباب واسعاً أمام الوسطاء، وأمام رؤساء الحكومات السابقين، من أجل مناقشة الخيارات الجديدة المتاحة، لتحديد الجواب النهائي، تقول المعلومات، أن الرئيس المكلّف منكبّ على تحديد خطواته، والتي باتت على مسافة ساعات حاسمة، والتي ستؤسّس للمرحلة المقبلة. لكن ما أصبح ثابتاً الآن، أن البعض في نادي رؤساء الحكومات السابقين، لا زالوا على موقفهم، بأن الإعتذار هو الأقلّ كلفة على الرئيس سعد الحريري وعلى تيار “المستقبل” ككل، في ظل صعوبة التآلف والتعايش مع هذا العهد ومع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل.
في المقابل، فإن حراكاً فرنسياً قد سُجل في الأيام القليلة الماضية باتجاه الرئيس الحريري، حيث تؤكد أوساط ديبلوماسية مواكبة، أن البحث يركّز راهناً على ترجيح خيار حكومة “محايدة” تضم شخصيات سياسية غير مرشّحة للإنتخابات النيابية المقبلة، وتعمل على إدارة الأزمة أو الإنهيار كما هو الواقع، ثم تشرف على إجراء إنتخابات “نزيهة”، تمهيداً لتشكيل السلطة من جديد.
ومن ضمن هذا السياق، تشير الأوساط نفسها، إلى وجود توافق وتلاقي بين باريس وواشنطن حول الملف اللبناني، وذلك لجهة تولي الإدارة الفرنسية مسؤولية تحديد خارطة الطريق في المرحلة التي ستقترب فيها القوى السياسية من إعلان عجزها عن تأليف حكومة جديدة، علماً أن الثقة الخارجية بالقوى السياسية اللبنانية باتت مفقودة بالكامل، ولا مجال لاستعادتها في المدى المنظور.
وعليه، فإن أكثر من مسؤول لبناني هو اليوم قيد المتابعة والمراقبة الدولية، لأن أي خطوة ناقصة سوف تكون كفيلة بحرق أوراقه في عواصم القرار. وبالتالي، فإن السباق شارف على النهاية، ولكن الشكوك كثيرة حول طبيعة وشكل النهاية التي تكثر التكهّنات حولها لكل المسار الحكومي، وهو مجدداً إعتذار الحريري عن التشكيل، لأن تكرار التسوية السياسية القديمة، بات من الماضي، ولا يمكن تكراره.