حتى الساعة لم يطفئ رئيس مجلس النواب نبيه بري محركاته، فهو لم يرفع الراية البيضاء أمام محاولات بعض القوى إجهاض مساعيه، والقفز فوق مبادرته لإعادة الامور الى نقطة الصفر، علما أنه ، بحسب مصادر متابعة، لم يتوقف مليا عند إرسال رئيس الجمهورية مسودتين حول توزيع الحقائب والأسماء إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي من منطلق أن الأخير على تنسيق معه ويدعم مبادرته لحل الازمة الراهنة. لكن المشكلة تكمن، بحسب أوساط سياسية بارزة، أن ما يقوم به الفريق الباسيلي هو أشبه بلعبة روليت روسية على المسرح الحكومي سوف تطيح به قبل الآخرين، فالبلد على كف عفريت اقتصاديا ومالياً ومعيشيا، في حين أنه يعبث بالمؤسسات ضعفا وتعطيلا ويتعمد القفز فوق الدستور وخرقه، وتارة يهدد بالاستقالة من المجلس النيابي وتارة أخرى يهول باللجوء الى أساليب أخرى، علما أنه يدرك نتائج الكابوس البشع التي سوف تعصف بتياره فيما لو استمر يغامر على حساب مصلحة البلد واللبنانيين.
في خضم كل ما يجري، يكثر الحديث في أروقة الأوساط السياسية عن حكومة انتخابات، أي حكومة تكون وظيفتها محصورة بإجراء الانتخابات النيابية المقبلة وهذا يعني أنها يجب ان تكون neutre خالية من المرشحين، بيد أن مصادر مطلعة تشدد لـ”لبنان 24″ على أن الحديث عن الانتخابات النيابية لا يزال مبكرا ، ملمحة إلى الخلاف الجذري بين القوى السياسية حول القانون الانتخابي الذي يفترض أن تجري على أساسه الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أن يعيد شبح التمديد الذي نخشاه من جديد، رغم كل الضغط الدولي لإجراء الانتخابات في موعدها، وبالتالي فإن أفق تأليف حكومة انتخابات حتى الساعة لا يزال ضيقاً، طالما أن الرئيس المكلف لم يعد في وارد الاعتذار، وجلسة مجلس النواب يوم السبت منحته تفويضا جديدا.
وفي الوقت الذي تكثر فيه التكهنات بمآل الأمور في الأيام والاسابيع المقبلة، ثمة من يؤكد أن الأمور مرهونة باستكمال الحريري، العائد الى بيروت، اتصالاته مع الرئيس بري الذي سوف يكثف لقاءاته في الساعات المقبلة لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، خاصة وأنه يواصل التأكيد، وفق مصادره، على ضرورة الاتفاق قبل فوات الأوان على حكومة انقاذية متجانسة مهمتها الحد من الانهيار والعمل على تأمين الدعم والمساعدات للقطاعات الأساسية، من أجل تجاوز الأزمة، لأن كل تأخير من شأنه ان يزيد من صعوبة الخروج من النفق.