فيما لا تزال مشهدية طوابير السيارات تتراص لعشرات الأمتار أمام محطات المحروقات، لتتحوّل الصورة يوم أمس إلى إقفال تام – بكل ما للكلمة من معنى – لكل المحطات على مساحة البلد، بعدما نفد المخزون المتوافر لديها على أمل أن تصدق تصريحات المعنيين بأنّ الحلحلة ستبدأ من اليوم، فإنّ هناك من يؤكد أنّ التقنين الذي يتّبعه أصحاب المحطات قد يتحوّل إلى قاعدة يجري العمل بها في حال استمرار أزمة الدولار، استيراد البضائع والنقص الحاد في المخزون، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ساعات الفتح التي تتقلص يومياً، إذ إنّ المحطات تعتمد كلّ الوسائل المناسبة من أجل تفادي الانقطاع التام لمادّة البنزين.
في المقابل، فإنّ المواطنين الذين يُقمعون شاءوا أم أبوا، تحت حر الشمس او زخّات المطر، يئنون من إجراءات تمييزية تتبعها نسبة كبيرة من المحطات عند تعبئة البنزين، إذ أضحت «الواسطة» أو المحسوبية، تلعب دورها أيضاً في هذا المجال، فتسمح لمعارفها بالتزوّد بكميات كبيرة في حين تحرم من دونهم أو توفر كميات لا تزيد قيمتها عن 30 ألف ليرة لبنانية، وهي كمية لا تكفي، لا سيما مع استهلاك السيارات كميات كبيرة بسبب الازدحام المروري.
اعتداء وتكسير
وفي هذا الإطار، قام «زعران بالاعتداء على إحدى محطات المحروقات في مدينة صور، على خلفية رفض عامل المحطة التعبئة لهم لتجاوزهم الدور – الطابور، فما كان من هؤلاء «الأوباش» إلا أنْ قاموا بتكسير وتحطيم ماكينات تعبئة الوقود أمام أعين الناس، وأطلقوا الشتائم والسباب بحق صاحب المحطة وعمالها والدولة، وبعدما كان «اللي ضرب ضرب واللي هبرب هرب»، حضر عناصر من الأجهزة الأمنية إلى المكان، وعملوا على ملاحقة الفاعلين لتوقيفهم، لكن «ما راحت إلا على الضعيف».
هذا الحادث الذي وقع في صور، سبق وأنْ حدث في بلدتي عين بعال والعباسية جنوباً، وبيروت على مرأى أعيننا، وشمالاً، والسبب التزاحم على التعبئة، ما يعني «عيش وموت يا مواطن.. مين سائل عنّك».
تنديد واستنكار
وعلى الأثر، أعلن تجمّع أصحاب محطات الوقود في صور، في بيان، «الإضراب والإقفال يومين، بعد الضغوط وتفاديا للاعتداءات المتكرّرة، وبعد أن تحول أصحاب المحطات الى كبش محرقة، نتيجة أزمة المحروقات على مستوى الوطن، وأصبحت الوعود التي تطلق على شاشات التلفزة بإنهاء الأزمة، مجرد كذب وافتراء، فأصحاب المحطات يعانون كالزبائن للحصول على ما تيسر من المحروقات التي لا تلبي الحاجات».
*كما دان عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس «ما حصل من اعتداء في صور وقبله في عكار، ونتج منهما جريح وقتيل، وما يحصل في مناطق أخرى»، داعيا الاجهزة الامنية الى «اتخاذ الاجراءات الضرورية لايقاف هذه الاعتداءات».
وقال في بيان: «ما يحصل في محطات المحروقات من مشاكل واعتداءات غير مقبول، لان أصحاب المحطات ليسوا كبش محرقة أو فشة خلق. فهم يعانون من أزمة الشح بالبضائع كالمواطنين، ويتحملون الاذلال في استلام المحروقات، ويضطرون الى إقفال محطاتهم التي هي أبواب أرزاقهم».
أضاف: «أصحاب المحطات ليسوا سبب الازمة، فالسبب الرئيسي لازمة البنزين هو الشح بالدولار الاميركي لدى مصرف لبنان الذي ينتج منه شح بفتح الاعتمادات لشركات الاستيراد، مما ينتج منه انخفاض في الكميات المستوردة، وبالتالي بالكميات الموزعة على المحطات لخدمة المستهلك. فصاحب المحطة ليس لديه وسيلة أخرى غير التقنين بتسليم كميات البنزين للمستهلك، ليشمل أكبر عدد ممكن من المواطنين من خلال الكميات المتوافرة لديه».
المصدر : اللواء