بخطىً ثابتة، وبدفع من حليفه “الشيعي”، وبتأييد من العديد من الأفرقاء السياسيين الذين يتلاقون معه في أكثر من محطّة، يمضي رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، قُدُماً في مسعاه القديم ـ الجديد للوصول إلى إجماع سياسي عام في البلد، لتأليف حكومة غير مشروطة، علّه بذلك يتمكّن في اللحظات الأخيرة التي تسبق وصول اللبنانيين إلى “جهنّم”، من إنقاذ ما تبقّى من هيبة سياسية وإقتصادية وقضائية في دولة ما عادت تحمل من مكوّنات ومُستلومات الدولة، سوى الإسم فقط.
في وقت كان يعدّ فيه رئيس مجلس النوّاب برّي العدّة في الداخل، لتحريك عجلة التأليف مُتنقّلاً عبر بعض موفديه السياسيين بين “بعبدا” و”بكركي” و “حارة حريك” والتواصل الشخصي مع الرئيس المُكلّف سعد الحريري، كان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، “يُحارب” على الضفّة “الباريسيّة” بهدف السعي للحصول على تأييد فرنسي للمبادرة التي كان توصّل اليها مع “الأستاذ”، والتي حملت صيغةً حكومة من 24 وزيراً لا ثُلثاً ضامناً فيها لأي فريق.
واللافت بحسب مصادر سياسية، أن أصداءاً إيجابية كانت وصلت لبرّي من جنبلاط، تؤكد موافقة الفرنسيين على أي طرح جدّي، يُمكن أن يؤدي إلى حلّ أزمة تأليف الحكومة في لبنان، شرط قاعدة “التوافق السياسي”، وحتّى من دون اعتبار “المبادرة الفرنسية”، شرطاً أساسياً في أي عملية تأليف، وذلك من خلال نظرة الفرنسيين لصعوبة الوضع اللبناني الحالي وتعقيداته السياسية والطائفية، والتخوّف من عودة عملية التأليف، إلى نقطة الصفر.
في السياق، تؤكد مصادر “عين التينة” أن “كل الأجواء السياسية في البلد اليوم، تُشير إلى ارتفاع حظوظ مبادرة الرئيس برّي، خصوصاً وأنها المُبادرة الوحيدة المطروحة على بساط البحث الجدّي. ولكن “لا سمح الله” في حال “إفشالها”، من الممكن أن لا نشهد مُبادرات أخرى، لفترات طويلة، ومع هذا، فإن الرئيس برّي يقوم بتوظيف كلّ الإمكانيات، من أجل إنجاح مسعاه، من خلال التوافق بين جميع الأطراف المعنية، وتحديداً بين رئيسيّ الجمهورية والمُكلّف.
وإذ ترفض مصادر عين التينة، إشاعة أجواء سلبية يُمكن أن تُرافق مبادرة برّي وسط تعليق آمالها على وجود آذان صاغية للوصول إلى حكومة فعلية تُنقذ لبنان، تؤكد أن برّي على تواصل مع جميع الجهات، وبشكل مُستمر، منذ أن أعلن عن دوران عجلة المبادرة، بالإضافة إلى متابعته لكافة التفاصيل، ليلاً نهاراً. وتلفت إلى أنه لغاية كتابة هذه السطور، فإن الأمور إيجابية وذاهبة باتجاه توافق مبدئي من الجميع، على وجوب توحيد الجهود للخروج من نفق “التعطيل”.
وأعربت المصادر نفسها، عن وجود “خشية” لدى الرئيس برّي في حال أُفشلت مساعيه، لأنه يعلم تماماً أي مصير ينتظر لبنان في هذه الحالة، إذ يُمكن أن نصل بهذا البلد إلى مكان، قد نترحّم فيه على الحرب، خصوصاً في ظل وضعنا المالي والإجتماعي والسياسي المأزوم. لذلك، نتمنى أن تجد الدعوة مكاناً في عقول وقلوب البعض، وأن يضعوا مصالح البلد فوق أي اعتبارات أخرى.
وعلى مسار التأليف أيضاً، وفي ظل طرح برّي، وفقاً لمعلومات سياسية، فإن رئيس “التيّار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، كان وضع منذ أيام مرجعية دينية مسيحية، في أجواء التطورات الهادفة لتأليف الحكومة، حيث أكد لها أن ما يحصل حتى الساعة لا يعدو كونه مُجرّد نوايا ومُحاولات، مؤكداً أن رئيس الجمهورية ميشال عون، على استعداد للقيام بأي خطوة في سبيل ولادة الحكومة، شرط أن لا تكون هذه الخطوة على حساب المسيحيين وحقوقهم، وأن هذا الأمر لن يتحقّق إلا من خلال التكاتف السياسي المسيحي، ودعم المرجعيات الدينية المسيحية.
في المُحصّلة، وفي ظل الجهود التي يبذلها البعض في لبنان من أجل الخروج من “شرنقة” التأليف، لا بد من الإعتراف، بأن أي تقدّم في هذا الإتجاه، يجب أن يحظى بتراجع الحريري المرهون للواقع من خلال الخوف الذي يتملّكه من عمليات ابتزاز حكومية في المستقبل، وبين أمنيات باسيل، الذي عليه أن يضع بعض أحلامه الشخصية خلفه ولو مؤقّتاً، والتقدم خطوة إلى الأمام من مبدأ “المناصفة”، لا الأكثرية.
المصدر: “ليبانون ديبايت” – علي الحسيني