بفضل دورها في التوصل إلى وقف لإطلاق نار بين “حماس” وإسرائيل، حققت مصر مكاسب على جبهتيْن: فمن جهة، عززت دورها كوسيط في الشرق الأوسط أولاً، ونجحت في تحسين علاقاتها بالإدارة الأميركية الجديدة من جهة ثانية.
اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، دفع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إجراء اتصاله الأول بنظيره المصري عبدالفتاح السيسي. ومع تصاعد العنف الإسرائيلي، اتصل بايدن بالسيسي مرة ثانية، ثم توجه بالشكر منه بعد التوصل لوقف إطلاق النار، وذلك بعدما كان قد توعد خلال حملته الانتخابية باتخاذ خطوات حول الوضع الحقوقي المتدهور في مصر.
تقول صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إنّ وساطة القاهرة الناجحة أكّدت أهميتها كوسيط في “النزاع الأقدم والأكثر استعصاء في المنطقة”، مشيرةً إلى أنّ اعتراف واشنطن بأهمية القاهرة في وقف أعمال العنف يرسم بوضح “حدود اتفاق السلام التاريخي” بين الإمارات وإسرائيل العام الفائت.
فعلى الرغم من نجاح الإمارات “الدولية الخليجية الغنية” و”القوة الإقليمية” في بسط نفوذها في ليبيا والقرن الأفريقي، يؤكد ديبلوماسيون ومحللون للصحيفة وضعية مصر الاستثنائية في ما يتعلق بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
كريستين سميث ديوان، كبيرة الباحثين المقيمة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، تعلّق على دور القاهرة بالقول: “يحتاج التوصل لحل أزمة ما تواصلاً موثوقاً مع الطرفيْن”. وتوضح الباحثة: “قطعت الإمارات على المدى القصير على الأقل تواصلها مع الفلسطينيين بسبب صفقاتها مع الإسرائيليين. أمّا مصر فما زالت تتمتع برأسمال سياسي وثقافي وروابط هامة تأسست بفضل علاقاتها التاريخية، وذلك على الرغم من تقلص نفوذها في المنطقة”.
بدوره، يتحدّث ديبلوماسي عربي عن اتفاق السلام المصري-الإسرائيلي المبرم منذ 4 عقود، قائلاً: “ثمة ثقة بينهما (المصريين والإسرائيليين) ويحترمان بعضهما البعض، وإن كانا يختلفان بشدة على مستوى التعاطي مع الفلسطينيين”. ويضيف: “في ما يتعلق بـ”حماس”، تحكم المصالح علاقتها بمصر. فإذا تريد “حماس” تعاون مصر على مستوى عدد مع المسائل، مثل فتح المعابر، يتعيّن عليها أيضاً التعاون مع مصر”.
توازياً، يتوقع محللون، بحسب الصحيفة، تأثر سياسة بايدن إزاء مصر على خلفية دورها في اتفاق وقف إطلاق النارن وذلك بعدما دعا ناشطون إلى ربط المساعدات الأميركية لمصر بشروط حقوقية.
فمن جانبه، يقول مدير برنامج الأمم المتحدة في “مجموعة الأزمات المالية”، مايكل وحيد حنا، إنّ المسألة تتعلق اليوم “بكيفية إرساء توازن بين المصالح والالتزام المزعوم بحقوق الإنسان والديمقراطية”، مشدداً على أنّ هذه العملية “ستكون صعبة”.
المصدر: لبنان 24