عقب انفجار الخلاف الحكومي بين الفريق الرئاسي من جهة والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة ثانية، السبت الماضي، يبدو الوسط السياسي الداخلي وعواصم القرار في الخارج، أدركا ان لا بد من طيّ هذه الصفحة، ومحاولة فتح اخرى، والا فإن الشغور سيستمر حتى نهاية العهد، بينما لبنان آخذ في الانهيار على الصعد كافة.
رئيسُ الجمهورية العماد ميشال عون، بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، يدرس خياراته، والرئيسُ الحريري يفعل الامر عينه. واذا كان القصر بات يعلم ان “التخلّص” من الحريري كرئيس مكلّف لن يكون سهلا، سيما بعد تثبيته في منصبه بعد جلسة مناقشة الرسالة الرئاسية الى مجلس النواب،
فإن بيت الوسط رأى ايضا، بعد ان هدأت مفاعيل القصف غير المسبوق الذي شنّه على بعبدا، ان عليه بالتصّرف وباتخاذ خطوة ما، وإلا فإنه سيبقى رئيسا مكلّفا لا يؤلف الى اجل غير مسمى، فيما هدفُه هو انقاذ البلاد، لا الاكتفاء بـ”اللقب”.
في ظل “عقلانية الضرورة” المستجدة هذه، تضيف المصادر، برز دور رئيس مجلس النواب نبيه بري كوسيط مدعوما في شكل اساسي من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي كان خلف مبادرة بري. فعين التينة تأمل الاستفادة من “صحوة الضمير” هذه، للتقريب بين بعبدا وبيت الوسط وفتح ثغرة في جدار التشكيل.
ومسعاها هذا، الذي تعمل على انضاجه بعيدا من الاضواء لعدم حرقه، لا يحظى فقط بمؤازرة بكركي والضاحية والمختارة، بل يحظى ايضا بدعم مصري اعرب عنه بوضوح السفير ياسر علوي الجمعة الماضي بعد زيارته بري، كما ان الفرنسيين يعتبرون ان طرح “الاستيذ” قابل للحياة، وهو ينص على الذهاب نحو حكومة من 24 وزيرا اختصاصيا غير حزبيين، لا ثلث معطلا فيها لاي فريق.
ويبدو ان موسكو بدورها، لا تُمانع هذا التوجّه. ففي اطار جسّ المعنيَين الابرز بالتشكيل، نبضَ القوى الدولية من المستجدات اللبنانية، برزت امس زيارتان لموفدَين من قبل الفريق الرئاسي، وبيت الوسط، الى موسكو، حيث سمعا استعجالا للتأليف، وتمسّكا بالحريري.