تنذر التطوّرات الأخيرة على المستويين السياسي، كما الأمني، وتحديداً في منطقة الجنوب، بفتح الأبواب أمام مرحلة ضبابية تتراوح فيها السيناريوهات من سلبية إلى مقلقة إلى خطيرة، في ضوء معلومات متداولة عن تصعيد ومواجهات سياسية وطائفية، على وقع انهيارات لقطاعات إقتصادية وأزمات إجتماعية في غالبية المناطق، ومن دون أية استثناءات، وبصرف النظر عن كل الإحتياطات المتّخذة من قبل زعماء ومرجعيات سياسية وحزبية.
وتتقاطع المعلومات، مع تحذيرات ديبلوماسية تلقتها بيروت منذ أكثر من عام، ولكن بقيت من دون أية أصداء لدى المعنيين، الذين يفجّرون السجالات على أنواعها من أجل تحويل الأنظار عن الأزمة الأساسية المتمثلة بالعجز المستشري في كل المجالات نتيجة عدم الكفاءة لدى هؤلاء، والذين يتذرّعون بالخلافات على السلطة والنفوذ من أجل ترك المؤسّسات تنهار بشكل يومي، وصولاً إلى الفوضى، والتي ستدفع كل فريق إلى استعادة السيطرة على شارعه من خلال حاجة هذا الشارع إلى الحد الأدنى من المقوّمات لكي يستمر في ظل الظروف القاسية المرتقبة، خصوصاً عندما ينقطع الدواء وترتفع أسعار السلع الأساسية، إلى ما هنالك من أخطار ما زالت غير مطروحة ولكنها واردة وحتمية، وفق هذه المعلومات.
وبفعل هذا السيناريو “المخيف” الذي تحدثت عنه المعلومات، توقّع مصدر نيابي واسع الإطلاع، أن تتدحرج الأمور نحو التصعيد إذا بقيت كل الأطراف عاجزة عن التوصّل إلى تسوية تؤمّن الإتفاق على سلّة استحقاقات دستورية داهمة وقريبة، ذلك أن مفتاح الحلول، كما يؤكد الموفدون العرب والغربيين، يبدأ في تشكيل حكومة تشرف على وضع حدّ للإنهيار، أو على الأقلّ تديره وتخفّف من وقع السقوط، ثم تقوم بإجراء الإنتخابات النيابية والرئاسية في موعدها.
ومن هنا، تبرز صعوبة لملمة الوضع في حال لم تتشكّل الحكومة في أقرب وقت ممكن، لأنه، ومن خلال المصدر المتابع للوضع الحكومي، ما من حلحلة لأن المعنيين غارقون في تصفية الحسابات السياسية وإدارة المعركة الرئاسية، إلى اعتبارات أخرى تعيق التوصل إلى حلول، وبالتالي، تشكيل الحكومة العتيدة.
وفي موازاة الأخطار المحدقة بالوضع الإجتماعي، يتحدث المصدر، عن مخاوف استُجدّت أخيراً من عمليات إطلاق الصواريخ من الجنوب من قبل تنظيمات “مجهولة”، معتبراً أن ما يحصل قد يكون في إطار “جسّ النبض” لمعرفة طريقة وحجم الرد الإسرائيلي على أية ضربات صاروخية من المناطق الحدودية. وبمعنى آخر، فإن ذلك سيحوّل لبنان إلى منصّة ضمن الصراع المفتوح الحاصل بين القوى الإقليمية على مختلف توجّهاتها. وعليه فإن الأزمة مفتوحة، فلا حكومة في المدى المنظور، والأمور في المنطقة ذاهبة إلى التصعيد غير المسبوق، في ضوء معلومات تؤشّر إلى تصعيد في المنطقة، ولبنان لن يكون بمنأى عنه.
وفي خضمّ هذه الصراعات السياسية والإقليمية، فإن القضايا الإجتماعية والمعيشية قد تكون عاملاً إضافياً للفوضى والإهتزازات الأمنية المتنقلة، بعدما وصل جنون الأسعار إلى مراحل مخيفة، وهذا ما سيؤدي في أي توقيت إلى حالات غضب في الشارع، في ضوء عودة اللقاءات المفتوحة لقيادات الثورة والمجتمع المدني، تمهيداً لإطلاق أجندة التحرّكات المقبلة.
المصدر: ليبانون ديبات