كتبت “الأخبار”: في اليوم الأول للعودة إلى الصفوف، تفاوت الالتزام بالحضور بين مدرسة رسمية وأخرى وداخل المدرسة الواحدة. ولم تتجاوز النسبة في أحسن حالاتها 40 في المئة إلا في ثانويات أو مدارس في القرى تضم تلامذة من القرية نفسها ويرتادونها سيراً على الأقدام. ومن بين التلامذة الذين حضروا إلى المدارس، أمس، منقطعون عن التعليم عن بعد لأسباب شتى. ومنهم من اضطر للخروج إلى العمل، كما هي الحال في إحدى مدارس صيدا حيث غادر 5 تلامذة من أصل 35 المدرسة هذا العام.
العودة بدت عرجاء، وإن انتظم التعليم في الثانويات أكثر من المدارس الابتدائية والمتوسطة ولا سيما في صفوف شهادة الثانوية العامة. المعلمون في التعليم الابتدائي، كما قالت مصادرهم، شعروا بالغبن، فعدد الذين تلقّوا اللقاح في المدرسة الواحدة لا يتجاوز أصابع اليد.
وفيما شكك مديرون في التعليم الرسمي في أن قدرة وزارة التربية على تنظيم امتحانات رسمية للبريفيه في المدارس من باب لا عدالة التعليم نفسها، تشير الأجواء التحضيرية في أروقة الوزارة إلى أن الاستحقاق الرسمي في 12 تموز قائم على قدم وساق، وأن الإدارة التربوية تواصل نقاش تفاصيل إجرائه مع أصحاب المدارس الخاصة ولجان الأهل.
على صعيد متصل، لفتت “الأخبار” الى أن “لن تكون جائحة «كورونا» التحدّي الأصعب للقطاع التعليمي. المشهد المرتقب، مع انطلاق العام الدراسي المقبل، يشي بأن الأزمة الاقتصادية والمالية ستطغى على بقية التحدّيات، وأن التعليم عن بعد أو التعليم المدمج سيتحول إلى ضرورة ملحّة وحاجة إنقاذية”.
وسيشكل ارتفاع سعر صرف الدولار والرفع المرتقب للدعم عن الوقود الحجة الأقوى للمدارس لرفع أقساطها ضعفين، وربما أكثر في حال اللجوء إلى زيادة رواتب المعلمين والموظفين.
وقد بدأ عدد من المدارس، فعلاً، بالتفكير في وضع خطة تعليم مدمج للعام الدراسي المقبل (يومان للتعليم عن بعد وثلاثة أيام للتعليم الحضوري)، حتى ولو ذهبت «كورونا» إلى غير رجعة. وربما تقلّص المدارس الحصص الأسبوعية لبعض المواد التعليمية، وتلغي المواد الإجرائية كالموسيقى والفنون والروبوت والتكنولوجيا، بهدف تخفيف النفقات التشغيلية، من دون إغفال أن الأوضاع المتدهورة قد تؤدي الى إقفال بعض المدارس نهائياً.
رفع الأقساط سيتفاوت بين مدرسة وأخرى. وقد يجنح البعض نحو أقساط خيالية بحجة تفادي العجز المالي، ما سيؤدي إلى خسارة عدد كبير من التلامذة لعدم قدرة الأهالي على تغطية الأقساط الجديدة، ما سيعني صرف مزيد من المعلمين.
الى ذلك، أشارت “الأخبار” الى أن تفشي الفيروس فرض حجراً صحياً انتقل معه الناس من العالم الواقعي إلى الآخر الافتراضي. ولعلّ أكثر «الممسوسين» بهذه التجربة هم طلاب المدارس الذين يجبرون على الجلوس يومياً ساعاتٍ طويلة أمام الشاشة لتلقي دروسهم، ما يحمل تداعيات قد تكون، في بعض الأحيان، «مدمّرة لصحة المراهقين»، على ما تقول اختصاصية الصحة النفسية الطبيبة كريمة جابر.
وهذه «الصحة» ليست جسدية فحسب وإنما نفسية أيضاً، وكلما طالت مرحلة التعلّم عن بعد، كانت الآثار أكثر عمقاً. البداية من صحة الجسد، حيث يتسبب المكوث أمام الشاشة بـ«مشاكل في العيون ونقص في الفيتامينات وآلام في المفاصل والعظام كالرقبة والظهر والأكتاف والأصابع والصداع والزيادة في الوزن والخمول، إضافة الى اضطرابات النوم نتيجة التعرض للضوء والأشعة المنبعثة من الأجهزة». أما ما يتعدى تلك العوارض، فهو ما يحمله هذا التعرض على المدى الطويل، إذ إن «الحرارة الناتجة من الحاسوب يمكن أن تؤثر سلبًا على الخصوبة وخصوصاً لدى الذكور».
تدعو جابر إلى إشراك العائلة في علاج تلك الآثار من خلال «حث المراهقين وتشجيعهم على الحركة والابتعاد عن الشاشة في حال لم يكن ذلك ضروريًا، مع أخذ قسط من الراحة باستمرار والجلوس بطريقة سليمة كي لا تتحول الأوجاع من مؤقتة الى مزمنة».
أما نفسياً، فلا تجد جابر في هذه التجربة سوى «رزمة» من السيئات. وهو ما يختبره المراهقون أصلاً، ومنهم قاسم موسى، ابن الستة عشر عاماً. فمنذ ستة أشهر يعيش موسى حجراً مضاعفاً، بسبب فيروس كورونا وبسبب متابعة دروسه «أونلاين»، ما ساقه نحو «الاكتئاب. فقد تعبت نفسيًّا. الجلوس بمعدل خمس ساعات يوميًّا أمام الشاشة للتعلم مزعج الى حدّ كبير، تماماً كالحجر الذي أجبرنا على التزام منازلنا».
المصدر: الأخبار