كتبت سابين عويس في “النهار”:
لم يحمل الاسبوع الطالع بعد عطلة الفطر الموصولة على “الويك اند” أي جديد من شأنه ان يخرق حال الجمود القاتل والمتفاقم خطراً من البوابة الأمنية بعد توترات الجنوب، كما من البوابات الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والنقدية.
فعلى مسافة قصيرة من حلول استحقاقين داهمين احدهما يتصل بدخول البلاد في العتمة الشاملة، مع توقعات ببدء إطفاء معامل الانتاج وفق تقديرات لجنة الطاقة النيابية، وثانيهما يتعلق برفع الدعم في شكل عشوائي وغير مدروس على شاكلة القرارات الحكومية، لم يتحرك أي مسؤول بعد لشرح الخطوات او الاجراءات الممكن اتخاذها لتخفيف حدة السقوط المريع المتوقع في مرحلة باتت اقرب من توقعات غالبية ال#لبنانيين او المسؤولين الذين يعيشون حالة إنكار تامة لحجم الكارثة المقبلة على البلاد.
في المشهد الحكومي، يتعزز واقع العجز او ربما الأصح عدم الرغبة لدى اي من الأفرقاء المعنيين بملف التأليف معالجة العقد القائمة، ما يؤكد اكثر ان لا حكومة في الأفق القريب، ولا حظوظ لنجاح اي رهان على ربط الملف اللبناني بملفات المنطقة، ذلك ان لبنان لا يبرز حالياً على أي من الرادارات الإقليمية او الدولية، خصوصاً بعد تدهور الوضع الامني في غزة. فالتفاوض السعودي الايراني أولويته اليمن، فيما التفاوض الاميركي الايراني أولويته النووي!
اما لبنان المهدد بأن يصبح حالة إيرانية كاملة فلا أفق له للخروج من الستاتيكو السياسي الذي هو فيه، بل هو على الأرجح ذاهب الى مشهد اكثر خطورة مع احتمال ان يؤدي التعنت العوني حيال حقوق المسيحيين الى ظهور مجموعات إسلامية اصولية متطرفة تنبثق من رحم الازمة الاقتصادية والاجتماعية مستغلة عناوينها وشعاراتها لضرب ما بقي من استقرار هش. وهذا الهاجس لا يغيب عن هواجس الغرب، وقد سمعت موسكو اخيرا من زائريها اللبنانيين طلباً للمساعدة على دحض هذه السيناريوات التي من شأنها ان تؤدي الى طرح أسس النظام اللبناني وتكوينه، وهذا لن يكون في مصلحة المسيحيين.
مصادر غربية في لبنان لا تخفي قلقها من وتيرة التدهور المتسارعة التي يشهدها لبنان حيث تزيد الضغوط الاقتصادية وتزيد معها التداعيات الناجمة عنها على اللبنانيين، فيما تلمس هذه المصادر حالاً مخيفة من الإنكار لدى المسؤولين الذين تلتقيهم، مشيرة الى انهم لا يعون خطورة الوضع، كما لا يعون الدور المتنامي لحزب الله.
وفي رأي هذه المصادر ان لا أرانب ولا حلول يمكن ان تخرج لبنان من مأزقه في المستوى الذي بلغته الازمة اليوم، وتشير الى ان لبنان في حاجة ماسة للاصلاحات، ومفتاح الحل يكمن في تشكيل حكومة جديدة، ولكن ليس اي حكومة لان الامر يتطلب طريقة تفكير جديدة ومقاربة مختلفة لأن الازمة وطنية وتتطلب مقاربة وطنية وليس زبائنية كما هو حاصل اليوم.
لا تخفي المصادر في الوقت عينه قلقها من استنفاد الاحتياطات المتبقية لدى المصرف المركزي وهي عملياً أموال المودعين، فيما هناك طبقة سياسية فاسدة ومتمسكة بموقفها، حيث فريق يتمسك بحقوق المسيحيين وآخر بصلاحيات رئاسة الحكومة، فيما المجتمع المسيحي في خطر حقيقي والقيمون على الطائفة في السياسة لا يعون هذا الخطر!
من هنا، ترى المصادر ان على اللبنانيين ان يعوا الاخطار الداهمة وان يتولوا زمام المبادرة والتحرك من اجل وقف النزيف المالي، سيما وان الايام المقبلة لا تحمل آفاق انفراج، بل على العكس المزيد من التأزم والانزلاق نحو قعر الهاوية، بحيث يصبح الخروج اكثر كلفة ووجعاً في بلد بدأ يفقد ابرز مقومات صموده ومناعته