يؤكّد الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان أنّ “بيان سلامة ليس له أيّ صفة إلزامية للمصارف، فهو ليس تعميماً، وأتى كخطوة لتنفيس الاحتقان بعد البلبلة في شأن رفع الدعم. ويتضمّن نقاطاً لافتة تعكس حجم الإرباك”.
ويشير أبو سليمان إلى أنّ “سلامة يتحدّث عن “مبادرة” فيما السلطة الرقابية، كمصرف لبنان، لا تطلق مبادرات اتّجاه مؤسسات لديها سلطة مطلقة عليها. واستخدام كلمة “تفاوض” مستغربٌ لأنّ الهيئات الرقابية والمصرف المركزي لا يتفاوضان مع المصارف، بل يلزمانها بالتعاميم”.
ويضيف أنّه “بعد إتمام التعميم الـ154 المتعلّق بتكوين نسبة 3% من ودائع المصارف في حساباتها لدى المصارف المراسلة، وإعادة المودعين العاديين ما نسبته 15% من قيمة التحويلات إلى الخارج، وإعادة أصحاب المصارف والمُساهمين وأعضاء مجالس إداراتها والأشخاص المعرّضين سياسياً PEPs ما نسبته 30% من الودائع، أكّدت المصارف، من خلال ردّها على مسوّدة الكابيتال كونترول، أنّ حسابها الصافي لدى المصارف المراسلة سلبي بنسبة 1.7 مليار دولار. أمّا في موضوع الأشخاص الذين أجبروهم على ردّ الأموال فإنّها توضع في حسابات خاصّة مُجمّدة لخمس سنوات. فالسؤال إذاً: كيف ستردّ المصارف 25 ألف دولار لكلّ مودع بدءاً من حزيران 2021؟ فيما المؤسسات المعنيّة ليس لديها دولارات في الخارج ولا في الداخل؟”.
ويرى أبو سليمان أنّ “الطريقة الوحيدة هي أن يردّ مصرف لبنان جزءاً من ودائع اللبنانيين من الاحتياط عبر المصارف. وهو اليوم يطلب “الحماية القانونية” للقيام بذلك، أما الذي يخفّض نسب الاحتياط الإلزامي فهو مصرف لبنان، ولا يحتاج إلى قانون ليفعل هذا”. ويضيف: “واضح أنّه يضع المودعين بوجه الطبقة السياسية. وهذا يعكس إرباكاً وتخبّطاً يُشبه تماماً ما يحيط بإطلاق المنصّة “الموجّهة”، حيث لا عرض ولا طلب، كمنصّة الـ3900، والتي لن تسهم إذا أُطلِقت، في خفض سعر الصرف”، لافتاً إلى أنّ “التخبّط الأكبر هو في إعلان حاكم مصرف لبنان عجزه عن صرف دولار واحد من الاحتياط، ثم يعيد التأكيد أنّه يتدخّل فقط حين تحصل تقلّبات في السوق. هذا تضليل وتذاكٍ لا مكان له أمام كارثة من هذا النوع”.
حتّى الآن لا جواب من الحاكم عن سؤال محدّد: لماذا فضّل رياض سلامة أن “يُفرّغ” جزءاً من مخزون الاحتياط الإلزامي وينفّذ قرار الحكومة في أيلول 2019 بدعم الاستيراد، الذي استفاد منه أباطرة الاحتكارات ومافيات التجار والمستوردين، بدلاً من أن يتّخذ قراراً أخلاقيّاً مسوؤلاً بإعادة جزء من أموال اللبنانيين في المصارف. خصوصاً أنّ “منبع” الدولار هو الحساب المُدرج في مصرف لبنان تحت بند التوظيفات الإلزامية، أي كوتا المودعين بالدولار؟
كان من شأن قرار كهذا أن يخفّف من الطلب على الدولار في الأسواق، وكان سيمنع أبشع عملية تنكيل بودائع اللبنانيين، التي بعدما حُجِز جزء منها في المصارف، “طار” الجزء الآخر لخدمة مصالح المهرّبين والمحتكِرين والمتاجرين بلقمة شعب بكامله.
يقول أبو سليمان: “بلغة الأرقام، هناك 20% ذهبت فقط لدعم المواطنين في ظلّ الأزمة الخانقة، فيما الباقي استفاد منه المحتكِرون والتجّار ومافيات التهريب”، لافتاً إلى أنّ “الترابط بين المصارف والمصرف المركزي والدولة أدّى إلى تحميل كلّ الخسائر للمودِع والمواطن”.
المصدر أساس ميديا