مرة جديدة ينتفض الفلسطينيون في وجه الاحتلال الإسرائيلي ،وهذه المرة في القدس المحتلة ،انتصارا لأهالي حي الشيخ جراح الذين تحاول سلطات الاحتلال تهجيرهم من منازلهم.
فما هي قصة هذا الحي، ومن هو الشيخ جراح الشخصية التاريخية منذ 900 عام؟
حي الشيخ جراح قرية مقدسية – فلسطينية تتبع محافظة القدس، وهي في الجانب الشرقي للمدينة المقدسة،وهو وقع تحت الاحتلال الإسرائيلي في حرب 1967.
اخذ حي الشيخ جراح في القدس اسمه من الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي، طبيب صلاح الدين الأيوبي، القائد الذي تحول إلى رمز لأجيال عربية متعاقبة منذ نحو 900 عام، ويتهدده الآن مخطط إسرائيلي استيطاني تم الإعلان عنه ويتضمن بناء 200 وحدة سكنية لاسكان مستوطنين يهود فيها .
يقع حي الشيخ جراح في الجانب الشرقي من البلدة القديمة في مدينة القدس خارج السور، وقد أنشئ في القدس عام 1956 بموجب اتفاقية وقعت بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين(الأونروا) والحكومة الأردنية، وفي حينه استوعب 28 عائلة فلسطينية هجرت من أراضيها المحتلة عام 1948.
نشأ حيّ الشيخ جرّاح ضمن الأحياء التي نشأت خارج أسوار البلدة القديمة في القدس ،ومن بين هذه الأحياء حي القطمون، وهو الحيّ الذي عاش ودفن فيه الشيخ حسام الدين الجرّاح قبل 900 عام تقريبًا. سكنت الحيّ عائلات فلسطينيّة معروفة مثل عائلة النشاشيبي، وينحدر منه إسعاف النشاشيبي الأديب الفلسطينيّ الذي ما زال قصره ماثلًا هناك.
في عام 1880 وصل للقدس اليهودي يوسف بن رحاميم قادمًا من أوروبا هاربًا من الاضطهاد الذي طال اليهود هناك، فسارع لنجدته المقدسيّ ابن حيّ الشيخ جرّاح عبد ربه خليل بن إبراهيم، وأجّره قطعة أرض لنجدته .ووفق القانون الشرعي يسمى هذا الاستئجار بالتحكير، وهو يتيح تأجير اليهود الأرض ويمنع بيعها لهم بموجب الأنظمة والقوانين العثمانيّة.
سعت “إسرائيل” عام 1948 لاحتلال الحيّ لموقعه الذي يربط بين شرق وغرب القدس، وكنقطة رصد إستراتيجيّة مهمة، وهي الجامعة العبريّة الواقعة على جبل المشارف في القدس.ولم تستطع “إسرائيل” حينها احتلال الحيّ حتى عام 1967 ،أي بعد حرب النكسة، ومنع اتصال الأحياء المقدسيّة وفصلها من خلال وحدات استيطانيّة.
عام 1967 خلال توسع الاحتلال الصهيونيّ عانى الحي من استيطان اليهود فيه ، وتهجير بعض العائلات الفلسطينية وطردهم من منازلهم. وقد عانى أهل الحي من فرض الاحتلال عليهم مع اليهود الموجودين في الحي، كاميرات المراقبة، ما وضع السكان في ما يشبه السجن، خاصة في المناسبات والأعياد اليهودية.
عام 1956 أسكنت الأردن لاجئين فلسطينيين في الحيّ باتفاق مع الاونروا مقابل تنازلهم عن حقّهم كلاجئين وتملّكهم البيوت بعد ثلاث سنوات . وحالت الحرب عام 1967 دون تسجيل هذه البيوت في الطابو الأردني. ومع انتهاء فترة التحكير ظنّ الفلسطينيون أنهم يمكنهم استعادة أرضهم، ولكن في عام 1997 قبل انتهاء مدّة التحكير بقليل ذهب الفلسطينيون في الشيخ جرّاح إلى المحاكم الإسرائيليّة مطالبين باستعادة الأراضي الوقفية مع انتهاء التحكير ،إلّا أن الالتماس رفض، واستأنفت العائلات القرار ،إلّا أن المحكمة في عام 2010 منحت الأراضي لمستوطنين يهود.
ومنذ عام 2008 جاءت جماعة استيطانية تدعى “نحلات شمعون انترناشيونال” تريد هدم الحيّ وإقامة مستوطنة كبيرة لتفصل أحياء القدس العربيّة عن القدس..
استمر السجال القانوني بين الفلسطينيين والإسرائيليين على مدار عقود من الزمن وبقي الحال على ما هو عليه.وفي الأيام الماضية طلبت سلطات الاحتلال إخلاء منازل لعائلات في الشيخ جراح ،ما فجر الاحتجاجات القائمة،على الرغم من الاستئناف المقدم لدى المحكمة الإسرائيلية والتي ستبت اليوم الاثنين في قبول الاستتئناف من عدمه.
تقدّر مساحة الحي المقدسي العريق ب 808 آلاف متر مربع، ويقدر عدد سكانه بـ 2800 نسمة تقريبًا، والإدارة المستولية على الحي هي بلدية الاحتلال في القدس.
المصدر : الحوار نيوز