مما لا شكّ فيه أن بيان حاكم مصرف لبنان الصادر البارحة يكاد يكون الخبر الإيجابي الوحيد في ظل أزمة مُتعدّدة الأبعاد تضرب المواطن اللبناني على الصعيد الاقتصادي والمالي والنقدي والإجتماعي. فما هي أبعاد هذا البيان وتداعياته على المواطن اللبناني؟
رأى مرجع إقتصادي، في حديث لموقع mtv، أن “هذا البيان الذي يحمل أخباراً إيجابية عدّة للمواطن، يأتي في ظل إستراتيجية المصرف المركزي لاستعادة الثقة بالقطاع المصرفي والليرة اللبنانية”.
وأضاف المرجع “نقاط إيجابية عدّة وردت في هذا البيان، أوّلها إمكانية سحب أموال من الودائع بالعملة الصعبة وهو أمر أكثر من ضروري لإستعادة الثقة بالقطاع المصرفي. ووجود سقوف للسحوبات وشروط قانونية ترعى عمل المصارف يجب إحترامها، هو أمر طبيعي في ظل الأزمة التي نعيشها”، مُشدّدًا على أهمية وصوابية التعميم 154 والذي سمح بمثل هذه العملية بعد مرور عام على وقف تسليم الزبائن الدولارات النقدية.
ولم يغب دعم الليرة عن إجراءات مصرف لبنان، وفق المرجع الذي أضاف: “عمليًا الفوضى التي عمّت في السوق خصوصًا بعد إعلان وقف دفع سندات اليوروبوندز وفشل المفاوضات مع صندوق النقد وضعت الليرة اللبنانية تحت رحمة المضاربين في السوق السوداء. من هنا، تأتي أهمية المنصّة التي ستمنع المضاربة وبالتالي سيكون السعر المتداول عليها هو سعر أقرب إلى الواقع وأكثر شفافية من ناحية تكوينه. وحتى في حال لم يتدخل مصرف لبنان في السوق، يبقى السعر شفافُا على خلاف سعر السوق السوداء الذي يفتقد إلى الشفافية”.
الجدير ذكره أن البيان أشار إلى أن المنصّة ستكون مفتوحة أمام المؤسسات والأفراد وهو ما سيعيد إلى الليرة ثقة حامليها ويسحب حجّة إستمرارية السوق السوداء.
من جهة أخرى، لفت البيان النظر إلى أن المركزي طلب من الوزارات المعنية ترشيد الدعم وهو ما يوحي بأن مصرف لبنان ليس بوارد رفع الدعم الكلّي، وهو ما أشار إليه من خلال قوله إن “مصرف لبنان لا يزال يؤمّن بيع الدولار للمصارف على سعر الصرف الرسمي للمواد الأولية التي قرّرت الحكومة دعمها، وهو ملتزم ببيع هذه الدولارات على السعر الرسمي لكل الاعتمادات التي وافقت عليها المراجع الرسمية، والمصرف المركزي ينفّذ هذه العمليات يوميًا وتباعًا”.
وعن إشادة البيان بالهندسات المالية، يقول المرجع “باعتراف كلٍّ من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في تقاريرهما، الهندسات المالية أنقذت لبنان في العام 2016 وجلبت دولارات إلى لبنان ما يكفي لعبور المرحلة الحالية القاتمة على أمل أن تنتهي سريعًا”.
ويُضيف المرجع “خطوة مصرف لبنان في هذه المرحلة الحرجة هي خطوة مباركة إستطاعت من خلالها السياسة النقدية تسجيل نقاط على أمل أن تستطيع السياسة المالية للحكومة تسجيل نقاط خصوصًا فيما يتعلّق بالأمن الغذائي للمواطن وإعادة تفعيل الإقتصاد”.
وعن تداعيات البيان على قانون الكابيتال كونترول الذي ينُاقش اليوم في لجنة المال والموازنة، يقول المرجع “المركزي أعطى للجنة المال والموازنة سقف التحاويل وبالتالي لا يُمكن للجنة إعتماد الأرقام (غير المنطقية) الموجودة في المسودّة المُسرّبة مما يفرض حكمًا خفض هذه السقوف”.
وقال المرجع: “المخاوف من أن تعمد الطبقة السياسية إلى وضع العراقيل أمام المصرف المركزي وذلك بهدف منع رياض سلامة من تسجيل إنجازات (رفع دعاوى أو تشهير) في وقت فشلت فيه السلطة السياسية في كل ملفاتها”.
وختم: “من مصلحة السلطة السياسية مواكبة الخطّة عبر منع التهريب ووقف السوق السوداء، وذلك لمصلحة المواطن اللبناني بحكم أنها – أي السلطة التنفيذية – مؤتمنة على مصلحة المواطن”.