بعد فشل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تحريك الجمود في الملف الحكومي وإعلانه عن عقوبات فرنسية بحق معرقلي التأليف، أصبح ممكنًا القول بأن المبادرة الفرنسية سقطت، وخير دليل على سقوطها هو دعوة التيار الوطني الحر الرئيس المكلف إلى إعادة لبننة عملية التشكيل باعتبارها إستحقاقاً لبنانياً صرفاً بالدرجة الأولى، وأن نبقي تشكيل الحكومة مسؤولية اللبنانيين لو مهما بلغ مستوى المساعدة من أصدقائهم.
بعد تصدر خبر إمكانية تنحي الحريري عن مهمة تأليف الحكومة، علم موقع “الكلمة أونلاين” أن رئيس تيار المستقبل عدل عن فكرة الإعتذار بضغط مباشر من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط.
ووفق المعلومات فإن رئيس حركة أمل يتمسك بالرئيس المكلف حتى اخر نفس وقد أبلغه ما حرفيته: “فكرة الاعتذار شيلها من بالك”، ومعلوم أن برّي أقام محورًا يمتد من المختارة إلى بنشعي مرورًا ببيت الوسط لمواجهة “العهد”.
ويعود تمسك برّي بالحريري إلى تقاطع المصالح والسياسات بينه وبين حزب الله، لأن الأخير متمسك أيضًا بوجود رئيس تيار المستقبل في السلطة لتبقى طبيعة الحكم سياسية في البلد، وينفذ نظريته السياسية ومفادها بأن البلد لا يحكم بحكومة تكنوقراط وإختصاصيين، بل بسياسيين.
يعلم الجميع أن سعد الحريري في رئاسة الحكومة مضطر لعقد تسوية مع حزب الله، وبالتالي يبقي حزب الله الطائفة السنية ” تحت جناحه”، ويؤمن بذلك الغطاء السني من سعد الحريري بالإضافة إلى الغطاء المسيحي الذي يؤمنه له ميشال عون وجبران باسيل،
علمًا بأن هناك من يقول بأن الغطاء المسيحي ضعف، وهذا صحيح بدون شك، لكن الغطاء السني الذي قد يؤمنه الحريري ضعف أيضًا، كذلك فإن الغطاء العربي والدولي الشكلي الذي ممكن أن يعطيه سعد الحريري في هذه المرحلة ضعف جدًا نتيجة مواقف الدول العربية من المسؤولين اللبنانيين.
وبحسب مصدر مقرب من نادي رؤساء الحكومة السابقين، فإن “الكلام الذي سمعناه في الأيام الأخيرة عن احتمال إعتذار الحريري كان عبارة عن تسريبات المقصود منها المناورة السياسية لا أكثر، وموضوع الإعتذار لا يتعلق بالرئيس الحريري وحده، بل يتعلق بالبيئة التي ينتمي إليها”.
وذكر المصدر، أن “رؤساء الحكومة السابقين رفضوا إعتذار الحريري، وتحدثوا معه بأن طرح الإعتذار مرفوض، ومن غير المقبول إهداء نوع من الإنتصار لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصهره جبران باسيل، لأن
الأمر لا يتعلق بـ الحريري شخصيًا، بل هو أهم وأبعد من سعد الحريري، وهو موقع رئاسة الحكومة”.
وأكد المصدر عينه، أن “الجبهة المعارضة لـ”العهد” قائمة وليست قائمة، بمعنى أن هناك حلفًا بين الرئيسين برّي والحريري وبشكل مستتر مع سليمان فرنجية، وهناك علاقة طيبة مثلثة الأضلع ببن جنبلاط وبري والحريري، وهي متقلبة بحسب الظروف”.
ولفت إلى أن “ما يجمع كل هؤلاء الأفرقاء هو الخصومة السياسية مع ميشال عون وجبران باسيل، لكن لا جبهة معارضة لرئيس الجمهورية بالمعنى المعلن الحقيقي الذي يمكن القول بإمكانية مأسسة هذه الخصومة في إطار جبهوي”.