كتبت هيلدا المعدراني في “ليبانون فايلز”:
إعلان رئيس الحكومة المستقيل حسّان دياب اعتماد البطاقة التمويلية يعني عملياً توجّهه نحو رفع الدعم بشكل قاطع بعد أن كان من أشد معارضيه، ومع غياب أي معطيات من مصرف لبنان حول آلية رفع الدعم، او ترشيده فإن الضبابية تحيط بالمشهد العام.
وتحدّثت أوساط مطّلعة لـ”ليبانون فايلز” حول الأبعاد السياسية لعملية رفع الدعم، مشيرة الى عدم براءتها من الصراع السياسي والمناكفات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المستقيل حسّان دياب خاصة ان مصادر الاخير تؤكّد في مجالسها عن الدور الذي لعبه بري في إسقاط حكومته.
وقالت: “منذ يومين صرّح فرزلي خلال إحدى مقابلاته الإعلامية بعدم أحقيّة حكومة دياب بمخاطبة مجلس النواب بصفتها مستقيلة، لذا فإن مسألة الدعم تشكل حالياً موضوع خلاف خفي بين الرئاسة الثانية والثالثة، فالرئيس دياب يرمي كرة الازمة في ملعب الرئيس بري بخاصة انه يعلم ان البطاقة لا تمويل لها”، متسائلة:” هل للشريك الاخ يد في هذه اللعبة؟”.
وتشير الاوساط عينها الى ان “رئيس الحكومة المستقيل يتحدّث في مجالسه الخاصة انه مع انفاق الدولارات المتبقية في المركزي حتى آخر سنت، ويطبّق مقولة خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود، وما نمرّ به هو أحلك أيام السواد. وهنا تطرح شكوك حول خطة ممنهجة لسحب موجودات مصرف لبنان من ذهب وأموال احتياطية، وفي احسن سيناريو اذا أقرت البطاقة التمويلية بدون تمويل فإن الرئيس بري سيكون بالمرصاد ليسحب الحكومة من تحت قدمي الرئيس دياب”.
أمّا على الصعيد المالي وفي حال التسليم بأن مجلس النواب وافق على دعم البطاقة التمويلية، يبقى السؤال: كيف سيتم تأمين تغطيتها مالياً؟
أشارت مصادر اقتصادية لـ”ليبانون فايلز” في هذا المجال الى انه “في حال إقرار دفع البطاقة بالليرة اللبنانية سينفجر التضخم، فمع اعطاء 750 الف عائلة تلك البطاقات بقيمة تتراوح بين مليون وثلاثة ملايين ليرة لبنانية فذلك يعني طبع بين 750 مليار ليرة و2،5 تريليون ليرة لبنانية شهرياً، وهذا الامر هو بمثابة انتحار نقدي!”.
أضافت: “أمّا اذا جرى إقرار البطاقة وتغطيتها بالدولار فمن المرجّح ان ذلك سيتم من الاحتياط الإلزامي اي من أموال المودعين وهو أمر يخالف قانون النقد والتسليف، ويُعتبر أكبر جريمة في حق الانسان”.
إذاً، البطاقة هي شرط اساسي لرفع الدعم ومع العراقيل التي تحول دون تمويلها، السؤال هل سيرفع الدعم ام لا؟
“في حال رفع الدعم عن جميع السلع، فإن ما هو متوقّع يفوق التصوّرات”، تقول المصادر، “ولن يكون هناك اي امكانية للاستمرار بوضع سوي امنياً واجتماعياً، وهو ما يفسّر ما سُرب عن قيام الاجهزة الامنية بالاستعداد لسيناريو الفلتان الامني وما يستتبعه من سرقات وعمليات نصب واحتيال وقتل”.
وتتابع: “يمكن للدولة ان تضغط على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للاستمرار في استعمال الاحتياط ولكن ذلك دونه محاذير ومخاطر كبيرة تترتب على لبنان وتؤثر على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فمع استنزاف دولارات المركزي لن يبقى اي ضمانة للبنان أمام المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية، والتوجّه حالياً هو لإعادة التفاوض مع رياض سلامة حول ترشيد الدعم وليس رفعه”.
ما هي الحلول؟
في المحصلة لا يمكن رفع الدعم من دون وجود بديل ومع انعدام ذلك، وتخلّي البنك الدولي عن امداد لبنان بالقروض بعد تغيير مجلس النواب في شروطه، تؤكد المصادر انه “لم يعد هناك من حل سوى وقف التهريب، خاصة وان تمويل الدعم يكلّف مصرف لبنان 900 مليون دولار شهرياً، هناك 600 مليون دولار يؤمّنها المركزي والباقي تؤمّنه السوق السوداء، أمّا حاجة السوق اللبناني هي 300 مليون دولار فقط، وما بين 50 و70% من قيمة الدعم تُهدر من باب التهريب”.
ورأت المصادر ان “الملجأ الوحيد لتأمين الدولار بعد رفع الدعم هو السوق السوداء، ومع انشاء المنصة سيتم على اساسها تحرير سعر الصرف، وبذلك يكون مصرف لبنان قد اعتمد على سياسة تحرير سعر صرف موجّه اي انه لن يدع الدولار يفلت الى سقوف خيالية في السوق السوداء إلا انه لن يلجمه بالمطلق وسيعمل على فرملة صعوده على مراحل زمنية”.
من جهة اخرى، اكدت المصادر ان “مصرف لبنان سوف يستخدم المنصة ويرفع الدعم عن معظم السلع والبضائع وسيحافظ على دعم الطحين وبعض الادوية وجزء من انواع المحروقات، إلّا ان الاكيد انه سيتم رفع الدعم عن المازوت المخصّص للكهرباء”.
وختمت: “مقبلون على مرحلة صعبة وسيكون التجاهل سيد الموقف من قبل السياسيين، وما قيام مصرف لبنان بتدريب موظفي المصارف والمصرفيين سوى مؤشر على اننا مقبلون على مرحلة صعبة طويلة الامد”.