لا يمر يوم لا يُسجّل فيه ملفُّ الكهرباء، تطوّرا جديدا، ليس في المعنى الايجابي الذي يدل الى تحسّن في التغذية، بل في المعنى السلبي، الذي يؤكّد حجم “الثقب الاسود” الذي يشكّله هذا القطاع منذ سنوات، تحوّل فيها الى اكبر مسببي العجز في الخزانة اللبنانية…
امس، على صعيد التحقيقات في ملف “استئجار البواخر التركية” لاستجرار الطاقة الكهربائية، أصدر النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم قرارا بمنع باخرتين منتجتين للكهرباء العائدة لشركة كرادينيز التركية وشركة كاربا يورشيب- فرع لبنان، من مغادرة الاراضي اللبنانية. ويهدف هذا الحظر، بحسب المعلومات المتوافرة، الى ضمان تنفيذ الشركتين التركيتين المذكورتين التزاماتهما تجاه الدولة اللبنانية ودفع مبلغ ٢٥ مليون دولار للدولة اللبنانية في حال تبين وجود سمسرات وصفقات، وذلك وفقا للتعهد الذي وقعته الشركتين ويتضمن هذا البند الجزائي. وقد احال ابراهيم قراره للتنفيذ الى النيابة العامة التمييزية، حيث كلف المحامي العام المالي القاضي غسان الخوري القوى الامنية تنفيذ مضمون القرار المذكورين بمنع الشركتين من مغادرة لبنان، وابلاغ كل من وزارتين الطاقة والمال بعدم دفع الشركتين المبلغ المذكور. وكان قاضي التحقيق في بيروت روني شحادة تولى التحقيق في هذا الملف واوقف رالف فيصل وفاضل محمد رعد بجرم دفع رشاوى وهدر المال العام وتبييض اموال فيما ترك الموقوف الثالث حسن امهز بسند اقامة. كما سبق للنائب العام المالي القاضي ابراهيم ان استمع في معرض تحقيقاته الاولية في الملف الى كل من وزيري الطاقة السابقين جبران باسيل وندى البستاني.
اما الثلثاء، فقرر المجلس الدستوري، اثر النظر في طعن “قواتي” في سلفة خزينة ستعطى للكهرباء اقرها مجلس النواب، وقفَ مفعول القانون رقم 215/2021. وصدر عن المجلس الدستوري، بيان جاء فيه “المجلس الدستوري التأم في مقره برئاسة رئيسة القاضي طنوس مشلب (…) واطّلع الحاضرون على المراجعة الواردة في 2021/4/26، وجرى التداول في طلب وقف مفعول القانون موضوع الطعن وتقرر بالإجماع حفظ البت في شكل وأساس المراجعة وتعليق مفعول القانون المطعون فيه رقم 215/2021، الى حين الفصل فيها وإبلاغ هذا القرار من فخامة رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، ونشره في الجريدة الرسمية”… الطعن المقدّم من نواب الجمهورية القوية، أتى لكون السلفة العتيدة ستَستخدم اموال الناس والمودعين المتبقية في احتياطيات مصرف لبنان، لتمويل الكهرباء، الامر الذي اعتبره التكتل، كما جزء لا بأس به من اللبنانيين، حرقا لاموالهم لانها ستوضع في وعاء مثقوب، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
رغم هذا الواقع، أطل وزير الطاقة ريمون غجر على اللبنانيين امس، متحدثا من جديد عن “بواخر”، وملوّحا بالعتمة بعد تعطيل السلفة. فقال اثر اجتماع للجنة الاشغال في البرلمان: السلفة اقرها مجلس النواب وكنا نعمل على هذا الاساس ونصرف من الاموال المتبقية من موازنة كهرباء لبنان وآخر اعتماد فتح الخميس قبل عيد الفصح، وكنا حضرنا لاعتمادات وبواخر جديدة تأتي تباعا وأجرينا 6 مناقصات: باخرتان وصلتا و 2 على الطريق و2 لم تتحركا. الاعتمادات ملحوظة من سلفة ال 200 مليار ليرة، ونحن لا نستطيع إعطاء كهرباء بمئة ميغاوات هنا و 50 ميغاوات هناك، اليوم نحتاج الى 900 او 800 ميغا لتتمكن الشبكة من توزيع الكهرباء بشكل مقبول، فإذا أوقفنا العمل بمعمل او اثنين او ثلاثة، فالمعامل المتبقية لا تستطيع تأمين الكهرباء ابدا حتى لو توفر لها الفيول. لذلك علينا وضع خطة بناء على كميات الفيول والمعامل بهدف مد الفترة قدر المستطاع، نحصل خلالها على السلفة او نجد حلا آخر لتمويل بواخر الفيول الموجودة في بيروت”.
هذه الارقام معطوفة الى المعطيات السياسية والقضائية “الكهربائية” والى انقطاع التيار عن البيوت في العاصمة والمدن كلّها معظم ساعات اليوم، تؤكّد بحسب المصادر، وبالدليل القاطع الذي يلمسه اللبنانيون يوميا ويرونه بـ”أم العين”، ان الكهرباء “فضيحة الفضائح” في لبنان، وان الاموال التي صرفت بالمليارات لتحسين القطاع وتطويره، ذهبت في صفقات وسمسرات واعمال مشبوهة فاسدة، وإلا فأين التغذية واين ذهبت الوعود بكهرباء 24/24؟ واذا كان لا بد من تدقيق مالي جنائي، فليشمل او فليبدأ من وزارة الطاقة، تختم المصادر.