شهر رمضان بطابعه و”نكهته” اللبنانية يرتدي حلّة خاصة به، وتتزين الساحات بالقناديل وشرائط الاضاءة بألوانها الزاهية تلف الشوارع وخاصة في احياء العاصمة، وتبدأ المطاعم ومحال الحلوى في التسابق على انواع واصناف تخصّ الشهر الفضيل من “كلاج” و”كرابيج” وغيرها… ولكن رمضان فقد هذا العام وهجه وبريقه وتراجعت شعبيته.
لكن الامر لم يقف عند هذا الحد، فبات من يراقب المارة وسائقي السيارات العمومية والفانات وركابها، يراهم يدخنون ويأكلون علناً دونما احساس بالخجل او مراعاة لحرمة الشهر الفضيل والصائمين، في خرق لثقافة عيشنا القائمة على احترام الشعائر الدينية. فهل فقد اللبناني حسّه الاجتماعي وعاداته؟
سؤال الاجابة عنه ليست ببعيدة عن الواقع، إذ ان الظروف الاقتصادية الضاغطة، وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطن لم تلغِ مظاهر الزينة فقط، فمع غلاء الاسعار وتكلفة اطباق رمضان اليومية التي فاقت كل التصورات، من “سلطة فتوش” و”حساء بأنواعه” و”حمص بالطحينة” ومتبلات واطباق رئيسية دسمة، كل ذلك دفع الى الإمتناع عن الصوم والإنصراف الى الهموم المتعلقة بتحصيل أدنى مقومات العيش. وبات اليأس والاحباط يسيطران على المزاج العام، مع تراكم المشكلات والانهيارات الحاصلة على جميع الصعد.
“الله يتلطف فينا ويسامحنا”، حال لسان الجميع، فالفقر وعدم القدرة على مجاراة ارتفاع الاسعار وتأمين الحاجيات اليومية، شكلا ضربة موجعة للبناني الذي اعتاد على البذخ في مأكله وملبسه وسيارته ورفاهيته، ولم يعد لديه اي رجاء سوى دخان سيجارته الذي يحرق ما تبقى من انفاسه، ولم يعد يشكل فرقاً إن نفثه في السر او في العلن.