منذ ظهور الخلاف العلني والكبير قبل أشهر، بين الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري من الجهة الاخرى، حرصت اوساط الحريري على تسريب المعلومات واحياناً بتصريحات علنية لمقربين منه بأنه لن يعتذر عن تشكيل الحكومة، وذهبت الاوساط الى ربط اعتذاره بحالة واحدة هي إستقالة عون. لكن ما عدا ممّا بدا حتى تغيرت اللهجة وبدأت التسريبات منذ ايام قليلة عن ان إحتمال الاعتذار وارد بشدّة. ومن هنا بدأت التساؤلات: ما العلاقة بين التطورات الاقليمية المتسارعة الحاصلة وبين تسريب اجواء عن احتمال اعتذاره؟ وما هو الموقف الفرنسي من الحريري؟
هذه التساؤلات طُرِحَت بعد التقارب السعودي – السوري، والسعودي – الايراني، والكلام عن عدم رغبة المملكة بتكليف الحريري وتفضيل السفير نواف سلام، فظهر الحريري كأكبر المتضررين من خطوات المملكة تجاه خصميها الكبيرَين سوريا وايران.
وتشير الاوساط المتابعة الى ان مفاوضات فيينا حول الملف النووي الايراني، والاجتماعات السعودية – الايرانية التي تلتها في بغداد، ومن ثم زيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي الفريق خالد الحميدان الى سوريا قبل أيام، من ضمن توجه استعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية ويقال ان العودة ليست بعيدة وربما تتم بعد عيد الفطر، وصولاً إلى زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى فرنسا منتصف الشهر الحالي. كل هذه التطورات دفعت الحريري إلى إعادة حساباته والتمعن في خلفيات ونتائج ما يجري، والذي سيكون أغلبه في غير مصلحته، فبدأت اوساطه تروّج للإعتذار عن تشكيل الحكومة، ولو من باب المناورة السياسية.
زيارة ابن سلمان إلى فرنسا ستتناول الملف اللبناني بلا شك، لكن من اي زاوية؟ هل سيطلب السعودي من فرنسا سحب تكليف الحريري وإعلان إعتذاره ووضعه جانباً، ولو مؤقتاً، لمرحلة اخرى أكثر ملائمة له، خاصة مع التسريبات من هنا وهناك بأن البدائل له جاهزة والاسماء السنيّة المقبولة او التي سيطرحها السعودي او يوافق عليها عديدة ومن خارج النادي الحالي لرؤساء الحكومة؟ ام تكون الزيارة لتسهيل الحلول ودفع الحريري الى التنازل؟ وفي الحالين سيخرج الحريري من معركة تشكيل الحكومة خاسراً لأنه لم يحقق كل شروطه.
وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان يبدأ اليوم لقاءاته في بيروت والاكيد انه سيلتقي الحريري، ولكن لا أحد يعرف ما إذا كان يحمل موقفاً يضع الحريري في صف واحد مع معرقلي حلول الازمة أم لا. ولذلك تقول اوساط الحريري: انه في حال وضعته فرنسا في خانة المعرقلين، عندها تكون قد أعطته السبب الوجيه والحجة المباشرة للإعتذار، فهو لن يقبل بان يكون في موقع المتهم دولياً بأنه من معرقلي حل الازمة اللبنانية لأنه يقدِّم نفسه على إنه المنقذ.